مسؤولية من؟
لنعترف أن بداية أي إصلاح أو إعمار أو حتى تحسين الحياة المعيشية يحتاج تشخيصاً للواقع والاعتراف بالأخطاء, وتوصيفاً لكل القطاعات وما أصابها من جراء الحرب من تدمير وتخريب, أما القول إن كل شيء على خير ما يرام فلن يفيد الناس ولن يفيد الوطن.
ومع إنكار الواقع تغيب المعلومات ليس فقط عن الناس بل أيضاً عن الإعلام, بالرغم من التأكيدات على أهمية الإعلام, فما يصدر من تصريحات تغيب عنه دقة الأرقام والمعلومات ولا يبقى سوى الكلام بالعموميات وحتى التكهنات!
لاشك في أن الارتجالية في إصدار الكثير من القرارات أوصلتنا إلى مرحلة بتنا فيها نحتاج معجزةً في الحلول, والمشكلة الأساسية هي غياب الرؤية الواضحة والدراسات واستبيان الواقع, وما نعانيه لم يعد يتعلق فقط بارتفاع سعر مادة أو مادتين, وإنما في أسلوب معيشة وحياة بات الاستمرار فيها ضرباً من الجنون والخيال.
بالتأكيد إن بناء الوطن وإعادة الإعمار ودعم المواطن, يحتاج المصارحة والدقة والصدق في إيصال المعلومة, ويحتاج الخبرات واستقصاء آراء الناس, ويحتاج أكثر إجراء استبيانات وإحصاءات وتقويم الآثار التي خلفتها الحرب على بلدنا, ونشرها في إعلامنا المحلي ليعرف كل مواطن ما له وما عليه, وتلك تكون بداية الطريق.
وبصراحة وحتى لا تكون الأمور خاضعة للمزاجية والارتجال, نحن بحاجة إلى إشراك المواطن في كل ما يتعلق بحياته ومعيشته, لأن الكثير من القرارات لها ارتدادات سلبية عنوانها تزايد الفقير فقراً..
بلدنا اليوم أحوج ما يكون إلى مراكز أبحاث ودراسات وإلى خبراء ومتخصصين, للاستناد إلى المعلومات والوقائع لدعم السياسات الاقتصادية والزراعية والصناعية, بدلاً من تجارب قد تنتهي بالفشل, خاصة أن الجميع في سباق مع الوقت, فالتخطيط السليم مقدمة لنتائج إيجابية في جميع القطاعات, وهذا يستدعي البحث عن الخبرات الاقتصادية الحقيقية بدلاً من بعض المحللين الذين يستعرضون عضلاتهم الكلامية على الإعلام, وتلك مسؤولية الجميع لا يمكن لجهة التنصل منها, وإلّا سنقول على الدنيا السلام!