الألعاب الإلكترونية تعزز ميول العنف لدى الشباب
نور حمادة
بالرغم من التطور الكبير الذي شهده مجال البرمجيات والألعاب الإلكترونية مؤخراً، والذي استحوذ على عقول شريحة واسعة من الأطفال واليافعين وحتى الكبار، لما تتمتع به تلك البرامج والألعاب من جاذبية كبيرة، إلّا أنها أضحت تشكل مصدراً للقلق، وخطراً يهدد حياة مستخدميها، فهناك كثير من الحوادث التي نسمعها عن انتحار طفل أو شاب بسبب تأثير بعض الألعاب الإلكترونية، التي تحولت من وسيلة ترفيه إلى أداة لنشر العنف والقتل والإدمان الإلكتروني.
وحسب إجماع خبراء الصحة فإن مشكلة الإدمان على الألعاب الإلكترونية لا تكمن في اللعبة، بل في تقمّص الفرد لشخصياتها، ما يدفعه لممارسة الإجرام، ووفق السيدة عبير التي عانت من إدمان وتعلق ابنها المراهق (13 عاماً) بلعبة البابجي ما دفعه إلى القفز من بناء مرتفع، معرّضاً نفسه للأذى الجسدي والنفسي بسبب المشاهد المحرّضة داخل اللعبة، التي تسيطر على ذهنه معتقداً أنه قادر على تنفيذها على أرض الواقع.
كما تعدّ الألعاب الإلكترونية العدو الأول للأهل بسبب تنامي قلقهم على أبنائهم، لأنها تستولي على وقتهم وتسرقهم من الحياة الطبيعية، وهو حال السيدة عفاف مع ابنتها (12 عاماً) التي تعاني ضعفاً في التواصل الاجتماعي والأسري، وسوءاً في التغذية، لإدمانها على تلك الألعاب ساعات طويلة، ما جعلها شخصية متمردة وعصبية تلجأ إلى ممارسة العنف مع المحيطين بها، ما أدى إلى إصابتها بنوبة قلبية.
وتشير الدراسات إلى أن التعرض المزمن لألعاب الفيديو العنيفة خلال فترة المراهقة يكوّن لدى الشباب ميولاً أكثر للعنف، فيما يخص أفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم العدوانية المتزايدة، وبحسب الدكتورة نيفين مصرية اختصاصية في الصحة النفسية: إن الإدمان الإلكتروني أو ما يسمى المخدرات الإلكترونية لها آثار خطيرة في ممارسة العنف، والقتل بطريقة مباشرة وغير مباشرة، والقيام بأفعال غير سوية تؤدي للهلاك، نتيجة المشاهد العنيفة التي تزرع في ذهن الشباب أفكاراً وسلوكيات مدمرة للآخرين ولأنفسهم، تحرّضهم للتجريب في الواقع وتعرّضهم لخطر الموت.
ويؤدي استخدام الألعاب الإلكترونية لساعات طويلة بدلاً من الانغماس في الأنشطة البدنية إلى أضرار عديدة بالصحة، حيث تؤكد الدكتورة نيفين أن الجلوس باستمرار في مكان واحد وممارسة هذه الألعاب يجعل الشخص عرضة للإصابة بآلام عضلية وعصبية، واضطرابات نفسية حادة، وزيادة حالات التوتر وإرهاق الدماغ وحدوث نوبات صرع لأن الموجات المغناطيسية تؤثر في كهربائية الدماغ.
عدا بعض السلوكيات الخاطئة التي تنعكس سلباً على الشخص وأسرته، والتي تؤدي إلى استخدام أعمال العنف وعدم الرغبة في التواصل الاجتماعي والتفاعل الأسري، ومحاولة إيذاء الذات، وفقدان الثقة بالنفس، ورفض الأوامر والالتزامات الأسرية، والابتعاد عن القيم والمبادىء الأخلاقية والاجتماعية.
وتتنوع طرق علاج إدمان الألعاب الإلكترونية للمراهقين، مابين نصائح عامة للوالدين وطرق علاجية قد يستخدمها الأطباء في بعض الحالات، وأشارت نيفين إلى أنه يجب اتباع سياسة وسطية لتخطي الشخص المدمن إلكترونياً مرحلة الإدمان، وذلك عن طريق تنظيم الوقت، وخفض ساعات اللعب بشكل تدريجي، مع وجود مراقبة دورية من الأهل، إضافة إلى أهمية التوعية والتثقيف بمدى خطورة هذه الألعاب على المراهقين.
مع تقديم برنامج علاجي للتخفيف من حدة الإدمان، باتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة يومياً، وتحفيز الدماغ على القراءة وسماع الموسيقا ، وممارسة نشاطات أخرى كالتعلم على آلة موسيقية، والدعم والتشجيع على التواصل الاجتماعي، وبناء لغة حوار إيجابية، وذلك لتوجيه تفكير الشاب وعواطفه نحو أمور مفيدة غير إدمان الألعاب الإلكترونية.