الجمعية الشهرية.. ادخار إجباري للأسر لمواجهة الغلاء!
نور ملحم:
بفكرة قديمة وبسيطة يواجه العديد من المواطنين ظروفهم الاقتصادية الصعبة من خلال «الجمعية» وهي عبارة عن عملية ادخار تشاركي تكون عبر جمع مبلغ من المال بشكل شهري من عدة أشخاص على أن يحصل أحد المشاركين على ما تم تحصيله في الشهر وفق ترتيب متفق عليه وفق أولوية كل مشترك بالمجموعة.
تنتظر المواكبي “42 عاماً” معلمة مدرسة موعد صرف راتبها الشهري لتدفع 25 ألف ليرة للجمعية التي ستقبضها بعد شهرين تقريباً حسب كلامها لـ«تشرين».
تقول المواكبي: بعد أن يدفع جميع المشتركين المبلغ المتفق عليه سيكون المبلغ المحصل داعماً لشراء مونة للمنزل بعدما أصبح الراتب لا يكفي لشراء الخضار والفواكه بعد ارتفاع الأسعار الجنوني .
عادة مستمرة
تتفاوت الجمعيات من حيث العدد الكلي والمبلغ المحدد، ويعدها كثيرون ضرورة اجتماعية واقتصادية لشرائح واسعة من المجتمع وعادة ما يكون منظم الجمعية «القائد الذي يجمع المال من المشتركين» هو من يحصل على المبلغ في الشهر الأول، ومن المتعارف عليه أن يحصل من يريد المشاركة بـ(اسمين) على ترتيب في الأشهر الأولى لجمعها وآخر في نهاية المدة، وهناك أيضاً بعض المشاركين غير المتعجلين في الحصول على “القبض”، لأن مشاركتهم بغرض الادخار طويل المدى أو لتلبية حاجة غير عاجلة وهؤلاء يختارون المراكز الأخيرة في ترتيب الحصول على قيمة الجمعية.
وتقول ميسون المنصور لـ«تشرين» وهي مشتركة في جمعية تضم 12 شخصاً من زملائها في العمل: إنها وشركاءها في الجمعية دأبوا على هذا الصنف من التوفير العائلي منذ أكثر من خمسة أعوام، حيث يتم تجديد هذا العقد بينهم آلياً بمجرد انتهاء الترتيب الذي اتفقوا عليه منذ البداية.
وتبلغ قيمة المساهمة الشهرية لكل مشترك في الجمعية 10 آلاف، حيث يكون المبلغ المتحصل عليه لكل من المشتركين 120 ألف ليرة وتعد أن هذا المبلغ فقد قيمته بحكم الغلاء، غير إنه يمكن من خلاله سداد بعض المصاريف الطارئة أو المحددة مسبقاً.
للتجار حصة أيضاً
ولا تقتصر الجمعيات على الشرائح الفقيرة والمتوسطة فقط مثلما يقول محمد الباشا- يعمل في مجال تجارة السيارات، فهو يدخل دائماً في جمعيات مع أصدقائه ولكن بمبالغ كبيرة قد تصل لحد المليون في الشهر لشراء بضائع لتجارته.
يشير الباشا لـ«تشرين»: أصبح موضوع إيداع المال في البنوك وسحبها أمراً معقداً جداً في سورية فكلما رغبت بسحب مبلغ لدفع قسط للتاجر ننتظر أكثر من ساعتين في البنك وفي آخر المطاف لا يسمح لنا بسحب أكثر من مليونين أو ثلاثة وفي حال كان لديك واسطة وتدخل مدير البنك يمكن أن تسحب 5 ملايين ونحن نعتمد على رأس مال متداول في السوق لذلك فإن نظام الجمعية أسهل وأفضل لتحصيل مبلغ مالي كبير بسهولة ومن دون أعباء مادية ضمن الظروف الحالية.
تعاملات غير رسمية
عامل الخطورة في الادخار التشاركي هو الشيء المعيب الوحيد، حسبما أشار الخبير الاقتصادي علي الأحمد .
مؤكداً في تصريحه لـ«تشرين» أن التعاملات المادية بشكل غير رسمي قد تؤدي إلى الاحتيال والاستيلاء على أموال الغير لعدم وجود ضمانات للسداد واعتماده على الثقة الشخصية.
وأضاف الأحمد: الجمعية الشهرية أو الأسبوعية تعد وسيلة ادخار غير رسمية لأنها بعيدة كل البعد عن الادخار في المصارف والبنوك فهي عبارة تدوير النقود بين مجموعة من الأشخاص واستخدامها في شراء ما يحتاجون إليه من بضائع ذلك فهي لا توفر فائدة نقدية وليس لها أثر اقتصادي
وختم الأحمد كلامه: بدأت فكرة الجمعيات الشهرية تنتشر بشكل كبير، في الوقت الذي باتت فيه الكثير من الأسر تبحث عن حلول تجبرهم على توفير بعض الأموال لمجابهة الطوارئ أو مواسم النفقات الإضافية، على غرار العودة المدرسية أو الأعياد وغيرها من المناسبات التي يرتفع فيها الإنفاق.