«إسرائيل» تشيع مناخات الحرب

عبد المنعم علي عيسى:

تكاثفت في غضون الأيام الماضية العديد من المؤشرات التي ترسم ملامح مشهد يشي بتصاعد التوتر على امتداد المنطقة، ويرفع من احتمالية أن تشهد هذه الأخيرة صيفاً ساخناً يستولد بالضرورة نشوب حرب يعد لها كيان الاحتلال، بدعم وإسناد أمريكيين، وتقود، وفق تقديرات الاثنين، إلى تحقيق ما لم يستطع عدوان تموز 2006 تحقيقه .

أول المؤشرات التي تقود باتجاه التصعيد آنف الذكر يتمثل في التحدي غير المسبوق الذي مارسه الكيان عبر إدخال سفينة التنقيب اليونانية إلى حقل “كاريش ” اللبناني، والذي قابله رد فعل ناري ورد على لسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير، وثانيها استهداف الطيران الإسرائيلي المُعادي مطار دمشق يوم الجمعة 10 حزيران الجاري، فيما المناورات الإسرائيلية التي أطلق عليها اسم “مركبات النار”، التي قيل إنها الأضخم في تاريخ الكيان منذ قيامه، تضع الحدث السابق في سياق يبدو مدروساً قبيل أن تحين لحظة اندلاع النار الكبرى. والجدير ذكره هنا في هذا السياق أن مناورات “مركبات النار” كانت قد أعقبت نظيرة لها أجريت في قبرص، وأشار محللون عسكريون إلى أنها تحاكي غزواً إسرائيلياً للبنان، وثالث المؤشرات هو الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية منتصف شهر تموز المقبل، التي سيلتقي خلالها قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست، ولربما ينضم إليهم الرئيس المصري والملك الأردني أيضاً، ووفق ما تشير إليه معطيات الزيارة والتحضيرات الجارية لها، فإن الهدف الأبعد لحدوثها، جنباً إلى جنب الأهداف المعلنة من الطرفين، هو تشكيل جبهة ما يسمى “عربية – إسرائيلية ” لمواجهة إيران، بينما القراءة الإسرائيلية، في هذا السياق، تقول: إن إيران هي في أضعف حالاتها جراء تعثر مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني 2015، الذي قام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بإلغائه في أيار من عام 2018، والزيارة إياها تمثل ” لغماً ” من العيار الثقيل سيجري وضعه بين ظهراني المنطقة التي ستصبح بعده أقرب إلى وضعية الانفجار منها إلى أي وضعية أخرى، ويجب ألّا يغيب عن التقدير هنا ما قاله هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، حسب صحيفة “الصاندي تايمز ” قبل أيام، والذي تنبأ فيه بـ ” أحداث كبيرة قادمة في الشرق الأوسط “، والتصريح هنا مقصود في غموضه، لكن ما يبينه كاف للقول إن كيسنجر، شديد الصلة بدوائر صنع القرار في واشنطن و”إسرائيل ” على حد سواء، لم يقل ما قاله إلّا بناء على معلومات تراكمت لديه، وإن كان قد فضّل وضع ما ذكره في سياق القراءة والتحليل .

هذا في الحسابات على الضفة المقابلة، لكن حسابات الضفة الأخرى، ضفة محور المقاومة وحلفائه، تبدو مغايرة تماماً، والمفاجآت التي سيكون الكيان على موعد معها حال انفلات عيار النار ستكون كبيرة، ومعها لن تستوي حسابات الحقل مع حسابات البيدر .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار