القمح وتكلفة الفرصة البديلة
عندما تقرر الجهات المعنية إضافة ٣٠٠ ليرة إلى السعر المقرر لاستلام القمح من المزارعين والبالغ ١٥٠٠ ليرة يصبح سعر استلام الطن 1.8 مليون ليرة بالرغم من معرفة الجميع بالارتفاعات الكبيرة في تكاليف الإنتاج الزراعي خلال الموسم الحالي نتيجة التأخر بتوريد مادة المازوت المدعوم، وارتفاع تكاليف الحياة اليومية للمزارع نفسه وأسرته، هذا إضافة إلى الانخفاض في إنتاجية المحصول نظرا للظروف المناخية القاسية التي حصلت لاسيما خلال شهر آذار الماضي، فإن ذلك يثير عددا من التساؤلات حول جدية مثل هذه القرارات ضمن المعطيات الحالية.
فالمعطيات المحلية تظهر أن المساحات التي زرعت هذا العام كانت قليلة مقارنة بالمخطط بسبب انحباس الأمطار وعدم تأمين مختلف مستلزمات الإنتاج في الوقت المناسب والكميات الكافية، كما أن أسعار مشتقات القمح شهدت تضاعفا بأسعارها ضمن أسواقنا المحلية، وعلى سبيل المثال وصل سعر كيلو البرغل إلى أكثر من ٥٥٠٠ ليرة ووزارة التجارة الداخلية وعدت ببيعه بسعر ٤٠٠٠ ليرة.
أما المعطيات الدولية فتشير إلى أن سعر طن القمح وصل إلى ٤٩٠ دولارا، ناهيك عن تكاليف الشحن الهائلة التي تتجاوز سعر المواد المنقولة، هذا إضافة إلى الظروف الدولية التي تنبئ بنقص إمدادات القمح بسبب الأزمة الأوكرانية والظروف المناخية، وارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار النفط والأسمدة عالميا.
إذا نظرنا إلى هذه المعطيات وغيرها فسنجد أنفسنا أمام نتيجة هي أن مزارع القمح سيحجم عن تسليم إنتاجه ضمن السعر المطروح لأنه إذا نظر إلى تكلفة الفرصة البديلة وباع منتجه في السوق فسيحقق دخلا يعوض عليه ويحقق له ربحا أفضل، وفي حال إلزامه بتسليم قمحه ربما لن يقوم بالزراعة خلال المواسم القادمة .
لذلك فمن المفروض إعادة دراسة تسعير القمح والأخذ بعين الاعتبار المعطيات الواجب لحظها وظروف الحصار التي نعيشها وأهمية إعطاء الفلاح كل ما يحتاجه، لأن رهاننا يجب أن يكون على إنتاجنا المحلي أولا وأخيرا.