القلق الامتحاني.. حالة مؤقتة أم ضعف شخصية؟
حالة نفسية انفعالية مؤقتة يمر بها الطالب، تصاحبها ردود أفعال نفسية وجسمية غير معتادة، إثر توقعات بالإخفاق أو سوء الأداء في الامتحان، هذا ما فسره علماء النفس حول الارتباك الحاصل لدى الطلبة في كل عام مع اقتراب موعد الامتحانات النهائية.
الفجوة الأسرية
ولأن الأسرة هي الحلقة الأهم في المجتمع، لابد من الانتباه من قبل الوالدين لما يعانيه أبناؤهما من اضطرابات سلوكية أو نفسية، وعدم زرع الخوف والقلق بداخلهم لقاء ردود أفعالهم في مرحلة التحصيل العلمي، هذا ما أكدته المختصة في علوم التربية الأسرية وعلم النفس الدكتورة “حلا زبيدة”، ولا سيما أن الطالب يعاني من ضغوط تترافق مع مراحل مصيرية في حياته المستقبلية، مثل امتحانات التعليم الأساسي والثانوي التي تترافق مع مرحلة “المراهقة” التي تخلق منه شخصاً يسعى للاستقلالية والتمرد مقابل كل ما يأتيه من نصائح، مشددةً على دور الأهل في التعامل معه بأسلوب الحذر من دون اللجوء لمقارنته بزملائه أو الاصطدام معه بوجهات نظر مختلفة.
واعتبرت “زبيدة” أن مقارنة ظروف الأهل بظروف أبنائهم من أخطر السلوكيات التي يتعرض لها الطالب، عدا وضع معايير المجتمع بمنزلة الحكم على مصير الطالب، فظروف الدراسة سابقاً تختلف عما هي الآن، والتي تدخلنا في دائرة جديدة تعرف ب “صراع الأجيال” التي تخلق هوة كبيرة، وتعوق أي محاولات للتفاهم بين الأبناء والأهل.
دائرة التعليم
لأن ما يقضيه الطالب من وقت بين زملائه وأساتذته يتجاوز جلوسه مع أسرته، لابد من النظر بعين العدل والتوازن لمستويات الطلبة ضمن الصف الواحد، حسب وجهة نظر الخبيرة الاجتماعية والمختصة بالعلاج النفسي الدكتورة “هدى قصار” نظراً لتوجيه أغلبية المعلمين الاهتمام للطفل المميز، من دون النظر للطفل المتعب أو سؤاله عن سبب تقصيره، هل هم الأصدقاء أم الأهل أم المدرسة؟، داعيةً الكادر التعليمي لعدم إحراج أو توبيخ أي طفل ضعيف المستوى، والتركيز على مكامن النجاح في شخصيته بالتعاون مع “المرشد النفسي” في المدرسة، وذلك بطرق تجلب له القناعة بأنه شخص ناجح، ومساعدته برسم خططه المستقبلية وفق أدواته.
كما طالبت “قصار” جميع الأمهات باحتواء أبنائهن بكلمات المحبة وعبارات التشجيع والحماس والإبتعاد عن النقد المدمر.
حملات توعوية
وانطلاقاً من الأهمية الكبرى لعملية التوعية لكل الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية بخطورة هذه الحالة، وسعياً منها لبناء جيل سليم ومعافى، أطلقت وزارة التربية حملة صحية نفسية في الأول من نيسان الجاري، لمناقشة العديد من الظواهر الاجتماعية التي كان أبرزها “القلق الامتحاني” و”التنمر” و “العنف”.
مديرة الصحة المدرسية في الوزارة الدكتورة “هتون الطواشي” أكدت أن ظاهرة القلق طبيعية لدى أي طالب، في حين تتراوح شدة الحالة حسب عوامل تتعلق بالطالب نفسه والمعلمين والأهل.
كما أن القليل من القلق يعتبر إيجابياً كنوع من التحفيز للدراسة، لكن في حال تجاوزت الحالة قدرة الطالب على التركيز، التي تترجمها بعض الأعراض الجسدية النفسية المنشأ مثل: “الألم الصدري، والصداع، والآلام المعوية، ونخزات القلب” هنا يصبح الموضوع خطيراً ويحتاج إلى تدخل فوري.
كما لوحظ في بعض الأحيان وصول الأمر لحالات “الإغماء” حسب توصيف “الطواشي” للحالات، وهنا يمكننا القول إن الطالب على استعداد لتطوير حالته لتصبح “قلقا مرضيا”، ترافقها مشاعر سلبية وتوقعات بالرسوب، مرجعةً الأسباب للضغط الأسري وعدم انتظام ساعات النوم والغذاء والرياضة من قبل الطالب أيضاً، إضافة لوضع أهداف أكبر من قدراته.
وهنا يكمن الهدف الرئيسي للحملة، القائم على التثقيف والتوعية وتوجيه رسائل صحية ونفسية، برأي مديرة الصحة المدرسية، حيث استهدفت الحملة كل الفئات العمرية من 6 وحتى 18 سنة إضافة للكادر التعليمي والإداري، مؤكدة على دور المعلم في حل المشكلات من بدايتها، ليأتي بعده المرشد النفسي الذي يعد دوره مهما وحيويا لحل المشكلات قبل تفاقمها، ومن ثم مستوصف الصحة المدرسية في حال تعاظم الأمور، إلا أن وجود الأهل يبقى الحلقة الأهم في العملية لتحويلهم من شريك بالحالة بالنفسية إلى داعم للطالب.