عن الممثل منتهي الصلاحية

ما هو السبيل لإقناعنا بأداء الممثل الفلاني، ونحن نشاهد تطابق انفعالاته في المأساة والملهاة، وضمن مختلف المواقف الدرامية، كأنه أضاع مختلف مفاتيح الشخصية باستثناء مفتاح واحد يمتلك منه الكثير من النسخ، بحيث إن «جوزة» الباب الدرامي ملَّت من ذاك المفتاح تحديداً، ومن نسخه، ومن مستخدِمِهِ، ولو كان لها لسانٌ لتحكي به، لصرخت ملء حنجرتها بـ«لا يجوز ذلك، لا يجوز بحق ستانسلافسكي وبريخت عليك».

ثم كيف للممثلة العلّانية أن تُحرِّك مشاعرنا، وهي إن ابتسمت تجعلكت كل ملامحها دفعة واحدة، بفعل البوتوكس المحقون في كل أنحاء وجهها، بحيث إن تقاسيمها باتت على مقام «النكريز»، ليس من ناحية جمالياته، وإنما لأنها تُنَكْرِز المُشاهدين، وتضعهم في «خانة اليَكْ» دائماً، إذ إنهم غير قادرين على التفاعل مع ما تقوم به، فبمجرد توجيه الإضاءة إليها، تتراقص المالئات والنافخات تحت جِلْدِ وجهها، وتهتز مشاعرنا عليها، أسىً ولوعةً، لدرجة أنها ما إن تدخل في مشهد تراجيدي ما، فإنها تلفت انتباهنا مباشرةً، لأنها بحد ذاتها تتحوَّل إلى تراجيديا مريرة، ومأساة لا تدانيها أي مأساة أخرى منذ العصور اليونانية القديمة وحتى ما بعدَ بعد الحداثة، وتتعزز الحالة مع «الفيلير» و«الفينير» و«الشَّفط واللَّهط» و«اللظلظة والنظنظة»،… التي تغيرت معها كل المعايير البشرية للجَمال الأنثوي، نحو الأسوا طبعاً.
وإلى جانب ذلك نرى ممثلاً منتهي الصلاحية، مثله مثل الكونسروة، ومع ذلك يحاول التزوير والتبرير وما إلى هنالك، ولا بد ستعثر على ممثلة معجونة بِهَوَس الشَّبه، بحيث تصبح أقرب إلى اللَّبْنة المصنوعة من السبيداج، والمواد غير الصالحة للاستهلاك البشري أساساً، ومع ذلك تستعرض بياضها وقشديّة قوامها ومدى احتوائها على المُطيِّبات والمنكهات، بينما تبقى للعالِم بلا نكهة ولا أي فكاهة أو «مازّيّة»، وغير ذلك الكثير، والله يعين المشاهدين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار