رحلة طويلة لجرّة الغاز تضاعف سعرها على المستهلك
غياب غير مسوغ، قد يزيد على ثمانين يوماً لرسالة استلام جرّة الغاز عبر البطاقة الذكية, من دون توضيح رسمي للسبب, رغم التصريحات التي استبشر المواطن فيها خيراً و مفادها كان اكتشاف حقل جديد لاستخراج الغاز مطلع العام الحالي، ناهيك بإدخال عدة آبار على خطوط الإنتاج في الفترة الماضية.
عبء كارثي..
و في الملموس،لا تخدم جرّة الغاز للعائلة سوى شهر و نيف, ما يدفع المواطن لشراء جرّة الغاز (الحرّة) المتوفرة بكميات كثيرة و بأسعار تضاهي الخيال, حيث يصل سعرها لقرابة 120 ألفاً،و هذا عبء كبير يضاف لجانب الأعباء التي تفرض نفسها كشراء المازوت الحر, و البنزين الحر, والكثير من المستلزمات و الاحتياجات بأسعار باهظة الثمن لا تراعي مقدرة المواطن صاحب الدخل المحدود على اقتنائها, ليقف عاجزاً منتظراً استلام الرسالة لأكثر من شهر مقتدياً بعبارة (الصبر حيلة من لا حيلة له).
بدأت الرحلة
(رسالة الغاز تتطلب حوالي 3 أشهر لتوصل بحجة عدم توفر غاز، و الغاز الحر موجود ).. من المألوف سماع هذا يومياً في الشوارع و الأسواق والمراكز المختلفة، وهنا يكمن السؤال : هل المصدر نفسه ؟ بالطبع لا، فالغاز الحر أغلبه مهرب عبر الحدود اللاشرعية، وتتم تعبئة الجرّات بمقدار 14 كيلو غاز، لتقوم الدراجات الآلية و بعض السيارات الخاصة بتوزيع هذه الجرّات للمناطق الحدودية, ليتم استغلالها بالشكل الأمثل و الأنفع والقيام بتجارتها و بيعها بأغلى الأسعار و تحقيق مكاسب مادية فادحة، من دون رقيب و من دون حسيب.
ويتراوح سعر الجرّة المهربة ما بين 60-70 ألف ليرة سورية, لتباع في حمص و أريافها بسعر 95-100 ألف, أما في مناطق القلمون كالنبك و يبرود تصل بسعر 105-115 ألفاً، و يزداد هذا الرقم كلما بعدت المسافة نحو المناطق الداخلية ليتجاوز سعرها الضعف تقريباً أي حوالي 140 ألفاً.
ما بين مدح وذم..
لا شكّ في أن الإيجابية الوحيدة لعملية التهريب هذه هي توفير مادة الغاز للمواطن كونها ركيزة معيشية مهمة, حيث لا أحد يستطيع الانتظار لمدة تفوق الشهر بل و أكثر للاستحواذ عليها عبر البطاقة و يترك بيته بلا غاز, ولكن هل بمقدرة الجميع شرائها بهذا السعر الخيالي ؟ حتماً لا، فثمنها أغلى من راتب الموظف الشهري، لتنحصر ملكية الجرّة الحرّة للطبقة الجيدة المقتدرة وما يعلوها، و كأنها قطعة ذهب لا يرتديها إلا من كانت (جيبته عمرانة).
المعني يجيب..
أكد معاون مدير التجارة الداخلية و حماية المستهلك بريف دمشق هاني ملحم في تصريح لـ(تشرين) أن : (حالات تهريب الغاز قليلة حيث تم ضبط حالة بكمية 25 أسطوانة محملة بسيارة قادمة من محافظة حمص بمحافظة ريف دمشق وتم تنظيم الضبط التمويني اللازم وفق أحكام المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021 ), وعن ضبط أسعار الغاز الحرّ قال ملحم : (المراقبة دائمة و مستمرة للمحروقات سواء المدعومة أو المواد بسعر التكلفة من الغاز والمازوت و البنزين, و تم تنظيم عدد من الضبوط بمخالفات أهمها الإتجار و البيع بسعر زائد ).
وفي نهاية المطاف، إلى متى سيبقى المواطن أداة بيد التجار و المهيمنين (يمرجحونه) تبعاً لمصالحهم التجارية و لغاياتهم المادية من دون تدخل حكومي سريع يلمسه و يحسن وضعه ؟.