ماذا يريد الغرب من روسيا على خلفية تطورات الأحداث في أوكرانيا؛ هل يريد حل النزاع الدائر، أم تصعيده؟
هذه التساؤلات وغيرها الكثير مما يطرح أو يدور في أذهان المهتمين بالوضع القائم في تلك المنطقة الجغرافية المتاخمة للحدود الروسية- الأوروبية والذي أثرت تداعياته السياسية والاقتصادية ليس على المحيط الإقليمي فحسب، وإنما على العالم أجمع في مختلف الجوانب، وأدت بشكل واضح إلى انقسامات دولية، بين مؤيد ومعارض لمجريات الأحداث.
طبعاً، لا بدّ هنا من التذكير بهواجس روسيا من كل ما كان يجري على حدودها عموماً وفي أوكرانيا تحديداً، من تمدد لحلف الغرب العسكري “ناتو” ونشر أسلحة استراتيجية، وبناء معامل تنتج أسلحة محرّمة دولياً، إضافة لعوامل أخرى باتت معروفة للجميع أثارت قلق موسكو والمؤيدين لها، وأثّرت على أمن روسيا القومي وأمن واستقرار العالم اللذين أصبحا مهددين بشكل خطير رغم كل الاتفاقات والتفاهمات والقرارات الدولية التي تحدّ توسع الـ “ناتو” وخططه العسكرية، ما دفع موسكو لاستخدام لغة العسكرة مضطرة بعدما استنفدت كل السبل للحلّ من دون جدوى.
تصريحات الغرب المتناقضة التي يطلقها بين الفينة والأخرى، وتحركاته السياسية والعسكرية المتأرجحة، وإجراءاته الواضحة والمبيتة، وإصراره على فرض العقوبات الاقتصادية على موسكو لإجبارها على “مشيئته”، لا تشي بنية طيبة لديه لإيجاد حلول من شأنها فض النزاع الدائر، مع إن عقدة الحل والربط بيده، إلا أنه لم يبادر باتجاه الحل، رغم انعكاس تداعيات الأزمة الأوكرانية عليه وعلى العالم سياسياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً، وإنما استمر في صلفه وواصل تعنته في فرض المزيد من الضغوط والعقوبات بحق روسيا، ما فاقم الوضع المتأزم أصلاً.
سياسة العقوبات الأحادية الجائرة التي ينتهجها الغرب بقيادة الولايات المتحدة هي من خارج إطار الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أي إنها غير قانونية، ولا شرعية لها مطلقاً مهما كانت المسوغات التي تخطها واشنطن بيدها ويرددها مسؤولوها وكل من يربط نفسه في عقالها، فهي بطبيعة الحال إحدى عصي أمريكا في وجه من لم يلتزم بأجنداتها العدوانية أو يعارض ما تفرضه بالقوة بغير وجه حق، أو يناهض هيمنتها ومشروعاتها الخبيثة!
على أي حال، لا يبدو أن في جعبة الغرب نية لإنهاء الوضع المتأزم وحلّ الأزمة في أوكرانيا؛ وخاصة أنه يؤجج الوضع المتفاقم، وتصريحاته وتحركاته على مختلف الجوانب بما فيها العسكرية تشي بذلك، فكيف يسعى إلى الحل وهو سبب رئيس فيها، وفي كثير من الأزمات التي يضرم نارها في العالم ؟!