أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتاريخ 24/2/2022 باعتماد ( الروبل ) كعملة لسداد قيمة الصادرات الروسية من ( النفط والغاز ) للدول غير الصديقة وأهمها (أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا واليابان وكندا والنرويج وكوريا الجنوبية وسويسرا وأوكرانيا) وكل الدول التي شجعت العقوبات على روسيا وسيدخل التنفيذ من تاريخ ١-٤ وسيكون البنك المركزي الروسي جاهزاً لتأمين متطلبات ذلك بإيجاد سياسة نقدية ومالية مناسبتين ، وستلتزم بالمرسوم كل الشركات سواء المملوكة للدولة ( غاز بروم Gazprom) أو الشركات الخاصة مثل شركة ( نوفاتيك Novatek)، وهذا الإجراء سيؤدي إلى تعزيز وارتفاع سعر الروبل وإزاحة الدولار عن عرش العملات العالمية وتأسيس نظام نقدي مالي عالمي جديد ، و سيؤثر في العقود النفطية الحالية والمستقبلية، وقد تلجأ روسيا إلى اعتماد ( الذهب والعملات المشفرة واليوان الصيني ) وغيرها في تسعير صادراتها ، وقد أعلنت السعودية مثلاً أنها تدرس إمكانية تسويق صادراتها بالعملة الصينية ، أما من ناحية التعاملات بالذهب فإن أمريكا فرضت عقوبات على روسيا بذلك أيضاً ، وعندها دول العالم من توجهها نحو الدولار في احتياطياتها النقدية ، ولا سيما مع اعتماد سعر الفائدة عند معدل /20%/ ، ومع اعتماد الروبل ستستطيع روسيا من استرجاع /300/ مليار دولار من احتياطياتها النقدية المجمدة في البنوك والمصارف الغربية وهي تعادل /50%/ من إجمالي احتياطاتها النقدية الكلية ، وترافق الإجراء الروسي مع خطوات داعمة له ومنها مثلاً : فرض قيود على حركة الأموال والتدفقات النقدية إلى الدول غير الصديقة بمبلغ مماثل للاحتياطات المجمدة – منع الأجانب من بيع ما لديهم من سندات دين روسية – فرض حظر على المستثمرين الأجانب من ناحية سحبهم لأموالهم الخاصة بهم من روسيا- عدم السماح بسداد قيمة ديون الشركات الروسية ومبالغ الدين العام إلى الجهات الأجنبية إلا بإذن من اللجنة الحكومية الروسية حصراً – إغلاق المجال الجوي الروسي على شركات الطيران الأوروبية والأميركية ….الخ ، وسيساعد روسيا في تحقيق ذلك أن لديها فائضاً تجارياً مع دول العالم أي إن صادراتها أكبر من مستورداتها ، فقد كانت لسنة /2020/ كما يلي [ الصادرات 378والمستوردات 305 ] أي إن فائض ميزانها التجاري يساوي /73/ مليار دولار ،ومن هنا نتفهم ادعاء الإدارة الأمريكية بتغيير لهجتها مع ( إيران وفنزويلا ) وغيرها من الدول المصدرة للنفط والغاز، فإيران يمكن أن تعود لتصدير أكثر من /2/ مليون برميل نفط يومياً إذا عادت لإنتاج حوالي /4/ ملايين برميل كما كان في سنة /2015/ أي بما يعادل حوالي /40%/ من حصة روسيا التصديرية فهل الحل السحري لدى إيران ولديها كميات كبيرة مخزنة براً وبحراً ، وهل ستزيد السعودية وقطر والإمارات من صادراتها إلى القارة العجوز؟، أما من ناحية الغاز فقد شكلت أمريكا لجنة ( أوروبية أمريكية ) لبحث البدائل عن الغاز الروسي مع تعهدها الكلامي بإمداد أوروبا بكمية /15/ مليار م3 سنة /2022/ وزيادتها لتصل إلى /50/ ملياراً سنة /2030/ ، ولكن هذا صعب جداً لأسباب فنية وهي أن المعامل الأوروبية مصممة على الغاز الروسي وبسبب مرتبط بالتكلفة العالية ، ومعروف أن أي تغير في أسعار النفط والغاز سينعكس مباشرة على كل السلع والخدمات وسيؤدي إلى كساد و ركود اقتصادي وارتفاع معدلات الركود التضخمي وسيطرة حالة عدم اليقين ، ومن هنا نسمع ارتفاع الأصوات للقادة الأوروبيين باستثناء قطاع النفط والغاز الروسيين من العقوبات الاقتصادية الغربية ؟فهل ستخضع أوروبا مصالح شعوبها للإرادة الأمريكية ؟ ، وخاصة أن روسيا تتعامل معها بمنطق أوروبي بدليل زيادة نسبة تسوية الحسابات باليورو إلى /58%/ مقابل تراجع حصة الدولار /32%/ وحسب بيانات عملاق النفط الروسي ( غاز بروم ) وبدءاً من تاريخ 27/1/2022 ، وأن العقود المستقبلية تمت تسوية نحو /97%/ من مبيعات الغاز باليورو مع أوروبا ودول أخرى ولأكثر من /40/ اتفاقية، وكحالة عملية ومن واقع دولة ألمانيا التي تعد قاطرة الاقتصاد الأوروبي وهي تستورد بحدود /54%/ من احتياجاتها من الغاز من روسيا ونسبة /45%/ من الفحم، فهل تعوضها الإدارة الأمريكية ، وكل هذا يؤكد لنا ومن وجهة نظر اقتصادية بحتة القول: إن روسيا قادرة على تصدير غازها ونفطها إلى الصين والهند وغيرهما، ويمكن زيادتها بسبب وضعهما السكاني كأكبر دولتين تحققان أعلى معدل نمو اقتصادي عالمي ، فهل يغلق صنبور ( الغاز والنفط ) الروسي عن أمريكا وأتباعها ليبدأ عهد الروبل الذهبي ؟!