غلاء الأسعار يحرم الدمشقيين من “تكريزة” رمضان
خجولة، حضرت هذا العام واحدةٌ من أهمّ عادات الدمشقيين لاستقبال شهر رمضان المبارك، وهي “تكريزة رمضان”، بعدما غابت كلياً خلال سنوات الأزمة ،
و”تكريزة رمضان” هي عبارة عن نزهة تقوم بها العائلة أو الأصدقاء في الأيام الأخيرة من شهر شعبان إلى غوطة دمشق وبساتينها ومُنتزهاتها، للتمتّع بالنسيم العليل والمناظر الأخّاذة، فيقوم الأطفال باللعب، بينما تنهمك النسوة في إعداد الطعام الذي يختلف نوعه عمّا يؤكَل في رمضان، فيفضّلون شوي اللحوم وطبخ البقوليات وقلي البطاطا والباذنجان والقرنبيط، أما الرجال فيمضون أوقاتهم بين ورق اللعب وطاولة الزهر والضرب على “الدربكة” أو العزف على العود والبزق.
عادة دمشقية
يعود أبو مصطفى “70عاماً” بذاكرته لأيام الشباب ويتحدث لجريدة “تشرين” عن طقوس هذا اليوم الدمشقي قائلاً إن “تكريزة رمضان من عادات أهل الشام القديمة المتوارثة، وتكون أخر يوم من شهر شعبان ، حيث اعتاد جميع أفراد العائلة والأصدقاء أو الجيران في الحيّ أن يخرجوا مع بعضهم في نزهات و”سيارين”، يتشاركون فيها إعداد وتناول وجبات الفطور والغداء والعشاء فتبقى لهم كذكرى جميلة لاستقبال شهر الخير رمضان”
الشراء بالقطعة
تخرج أمّ العباس من أحد محال الحلويات في منطقة المزة ممسكةً بيدها بعض الأغراض بعد أن اشترت القليل من الحلويات معلقة على الموضوع لجريدة “تشرين” بالقول: ” في الماضي كانت التكريزة تكلّف العائلة ما بين 1500 – 3000 ليرة أما اليوم فأقلّ تكلفة لها تتراوح بين 200 – 300 ألف ليرة في ظل ارتفاع الأسعار، لذلك أصبحت ربة المنزل تفضل توفير هذه التكاليف لتأمين الاحتياجات الأساسية من رز وسكر وزيت فالأوضاع الاقتصادية أصبحت صعبة جداً والكثيرون يعتمدون على الشراء بالقطعة بدلاً من الكيلو”.
وعشية بداية شهر رمضان المبارك تشهد أسعار المواد الغذائية والأساسية ارتفاعاً غير مسبوق حيث ارتفعت أسعار الخضار والفواكه بشكل قياسي فوصل كيلو البندورة الى 4500 ليرة وسعر كيلو الخيار أكثر من 4000 ليرة ومثله سعر الكوسا ، ووصل سعر كيلو الفاصولياء الخضراء إلى أكثر من 18 ألف ليرة ، وسعر كيلو البرتقال 1500والتفاح 2500 ليرة ، والبطاطا 2000 ليرة وارتفع سعر كيلو الفروج إلى 8500 ليرة ووصل سعر كيلو الحليب لـ 2200 واللبنة 14 الفا والجبنة 17 الفا والسكر في حال توافره 3000 ليرة الأمر الذي قلل من حركة البيع والشراء “.
تجار الأزمة يستغلون
يعزو الخبير الاقتصادي د عمار اليوسف ذلك لدور شبكات تجّار الأزمة الذين يستغلون حاجات المواطنين فيرفعون الأسعار بشكل جشع لتحقيق ربح غير شرعي على الرغم من عدم وجود أيّ تناسب بين أسعار السلع والمداخيل،
مؤكّداً في تصريحه ل”لتشرين” أن حركة السوق أصبحت تسير على مزاج ورغبة التجار ، فلم يعد هناك وجود للرقابة على الأسواق ، واليوم الكل يعزو ارتفاع أسعار الزيوت والحبوب إلى الأزمة الأوكرانية، كأن أوكرانيا كانت السوق الوحيد لسورية ، إضافة إلى احتكار بعض التجار والمستوردين للبضائع التي يستوردونها، فضلاً عن قيام الحكومة بإصدار قرارات بالحد من استيراد السلع كان لها أثر كبير على الأسعار .
ويقول اليوسف: لو فرضنا أنه كان للعائلة الواحدة رغبة في ممارسة طقس ” تكريزة رمضان” وكان المقصد الزبداني أو إحدى الحدائق المجاورة كحديقة تشرين مثلاً فعلينا أن نأخذ بالحسبان التكلفة العالية لاستئجار الحافلة، نتيجة أزمة المحروقات الخانِقة وغلاء المواد الغذائية، عدا أن أبسط طبخة اليوم تكلّف عشرين ألف ليرة من دون التفكير بالأسعار الخيالية للمنتجعات والمطاعم”، مشيراً إلى أن الوضع المعيشي صعب جداً فالأسرة الواحدة بحاجة إلى ستة رواتب على الأقل لتأمين حاجاتها الأساسية فالسلة الغذائية كانت تكلف 40% من الراتب قبل الحرب، اليوم هي بحاجة إلى ثلاثة رواتب، وتستهلك منها 80% حتى تغطّي السلّة نفسها”.
الأسواق محكومة
بالمقابل قدّم مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” تمام العقدة، عدة أسباب لارتفاع أسعار السلع والمواد الحاصل حالياً في الأسواق، وكان منها زيادة الطلب عليها ، وضعف الإبلاغ عن الغش والتلاعب والاحتكار ورفع الأسعار.
وأكد العقدة في تصريحه ل”تشرين” عدم وجود تعديلات على نشرات أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية، لافتاً إلى أن الأسواق محكومة بالعرض والطلب.
في سياق متصل عممت التموين على كل مديرياتها في المحافظات، باتخاذ مجموعة إجراءات خلال شهر رمضان الجاري، لضمان استقرار السوق والأسعار، ومنع استغلال بعض التجار لزيادة الطلب على المواد الغذائية وغير الغذائية، حيث تقوم دوريات حماية المستهلك على مدار الساعة بضبط الأسعار وإحالة المخالفين إلى القضاء، علماً أن الوزارة لن تتهاون مع التجار الذين يستغلون الظروف الراهنة وستتم إحالتهم إلى القضاء.