40 % زيادة في عدد الدعاوى بعد تطبيق القانون 8 في حماة 

ميزان الحق والعدل يضمن استقرار الحياة بكل جوانبها وخاصة الاجتماعية، والثقة بالقضاء واللجوء إليه من أهم عوامل الأمان والضمان لاستمرار الحياة بكل مكوناتها ولاسيما بتوفر النزاهة والشفافية والإسراع في إجراءات التقاضي وإنصاف المظلوم ورفع الحيف عن الضعفاء.

عشرة أيام للفصل

“تشرين” تجولت في قصر العدل بحماة للتعرف على إجراءات التقاضي والمعوقات التي تعترض العمل القضائي بهدف تسليط الضوء على هذا المفصل الأساسي في الحياة العامة.

يقول المحامي العام بحماة القاضي نضال حمدون: مازال العمل القضائي في سورية يحظى بثقة المواطن وله دور كبير في تحصيل الحقوق لأصحابها سواء كانت تخص الدولة أم القطاعات العامة والخاصة أو الأفراد، وقد زاد عدد الدعاوى المقدمة إلى عدليات حماة خلال العام الماضي ٢٠٢١ عن العام الذي سبقه بنسبة تقدر بين ٣٧٪ و٤٠٪ وخاصة المتعلقة بالمحاكم الجزائية التي نتجت عن تطبيق القانون ٨ لعام ٢٠٢١ الخاص بالدعاوى التموينية والمتاجرة بالمواد المدعوم سعرها من الدولة ومرسوم الصرافة وتحويل العملات والتعامل بغير الليرة السورية.

وأوضح حمدون أن المدة الزمنية للبت بالدعاوى تختلف من محكمة إلى أخرى وحسب نوع الدعوى ومجرياتها وأطرافها، وتتراوح بين أسبوع إلى عشرة أيام بعد اكتمال أركانها القانونية، مشيراً إلى أن كل قوس محكمة في حماة ينظر يومياً ما بين ٣٠ و٥٠ دعوى ويتم فصل عدد منها، وهناك دعاوى تنتهي بالتراضي قبل استكمال إجراءاتها بحضور الأطراف والإقرار المباشر أو بالتنازل ولاسيما في الدعاوى المدنية والشرعية وتقدر نسبتها بنحو ٩٪ من إجمالي الدعاوى المحسومة، علماً أن عدد الدعاوى التي سجلت في عدليات حماة خلال العام ما قبل الماضي بلغ ٣٧٢٢٧ دعوى، في حين وصلت في عام  ٢٠٢١ إلى ٤٧٢٢٦ دعوى، منها ٢٣٥١٢ جزائية و ١٥٠٨٩ مدنية ونحو ٨٦٢٥ شرعية ووصل مجمل عدد الدعاوى المفصولة إلى ٢٧٣٥٨ دعوى والباقي ١٩٨٦٨ دعوى تم تدويرها للعام الحالي.

العقبات

وعبّر حمدون عن أمله بتجاوز العقبات التي تعترض العمل بشكل عام وأهمها التقنين الكهربائي لساعات طويلة خلال أوقات الدوام الرسمي والحاجة الماسة لتأمين خط دائم معفى من التقنين، إضافة لضآلة الاعتماد المالي المخصص لأعمال الصيانة وترميم المحاكم وإصلاح المصاعد وخاصة لمساعدة المسنين والمرضى وذوي الإعاقة، ولكن الكثير من محاكم حماة وعدليات المناطق تحتاج إلى إعادة تأهيل لتكون لائقة بالعمل القضائي.

الأتمتة قيد التنفيذ

يضيف حمدون: باتت الأتمتة الإلكترونية ضرورة في كل مفاصل الحياة ولا شك بأنها أهم التطبيقات في مجال القضاء، وهنا تجدر الإشارة إلى أتمتة دائرة الكاتب بالعدل جزئياً وربطها بوزارة العدل لتوحيد العمل ومنع تزوير الوكالات، ويجري العمل على استكمال مشروع الأتمتة في قصر العدل وربط جميع المحاكم ببرنامج موحّد يسهم في تسريع إجراءات عمل المحاكم والدواوين وحسن مراقبة العمل، وتم تفعيل مكتب الأرشفة, حيث يتم تصوير كل سجلات الوكالات الورقية من عام ١٩٢٠ حتى اليوم لتحميلها حاسوبياً، ما يسهل البحث والوصول إلى المعلومات المطلوبة بدقائق.

ويجري العمل على ربط المحكمة بمجلس المدينة للحصول على بيانات عقارية وكشوف اطلاع ووثائق تلزم الكاتب بالعدل بهدف توفير الوقت والعناء على المواطن والدقة في المعلومات.

كما تم تفعيل ديوان التبليغ الإلكتروني بناء على قرار وزير العدل رقم ٢٦٦٠ تاريخ ٢٤/٤/٢٠١٣، ولكن الصعوبات التي تواجه مشروع الأتمتة في عدلية حماة تتمثل بعدم توفر  فنيين مؤهلين للعمل على الحواسيب من العمال الدائمين والاعتماد على عقود موسمية وعدم وجود تجهيزات فنية في صالة الكاتب بالعدل كجهاز قارئ «باركود» وجهاز تنظيم الدور وتعطّل الأجهزة الموجودة لعدم انتظام التيار الكهربائي والانقطاعات المتكررة لفترات طويلة وعدم توفر اعتماد مالي لتأمين متطلبات قسم المعلوماتية من تجهيزات ومحابر الطابعات ولوازم مكاتب النسخ الإلكتروني وصالة أتمتة الكاتب بالعدل.

وفيما يتعلق بزيادة جرائم السرقة في الفترة الأخيرة أوضح أن التحقيقات لم تظهر سبباً واضحاً وأغلبية السارقين اعترفوا بأنهم من أصحاب السوابق رغم العقوبات الرادعة.

عدليات المناطق

في منطقة سلمية التقت “تشرين” عدداً من القضاة ومنهم بشار وأسامة وفراس الذين أشاروا إلى ضرورة بناء عدلية تليق بمقام القضاء ولاسيما أن الأرض متوفرة بجانب كلية الزراعة غرب المدينة، علماً أن الأمر يحتاج إلى اعتماد مالي ليكون بديلاً عن البناء الحالي الضيّق وسط المدينة الذي يضم بعض المحاكم ويقع خارج المحكمة الشرعية ودائرة التنفيذ وفي حال توفر بناء جديد سيكون له الكثير من الميزات أهمها تجميع المحاكم وتأمين الحراسة والأمان والإسراع في العمل.

 

وعبروا عن ضرورة تحسين الوضع المعيشي لهم وخاصة أنهم ملزمون بلباس ومظهر لائقين وأعباء مادية تليق بهيبة القضاء ومكانته العالية بين الناس، مشيرين إلى أن عدد القضايا التي تعرض على كل محكمة يومياً يتراوح بين ٥٠ و٧٠ قضية يتم النظر فيها ومعالجتها وفق الأصول القانونية، ويعاني بعض القضاة من الشكاوى الكيدية والتحويل للتفتيش القضائي بذرائع غير محقة، مطالبين بوضع رسم مالي أو كفالة مالية على كل شكوى من هذا النوع للحد من الشكاوى غير المحقة والحفاظ على هيبة القضاء.

كما ذكر القضاة أن هناك بعض التفاوت في الرواتب بين القضاة بنفس الدرجة والمرتبة وهذا يحتاج إلى معالجة فورية.

المحامون والوكالات

كما التقت “تشرين” عدداً من المحامين في حماة والمناطق ومنهم عبد الحكيم وناصر وإسماعيل وعماد ورجاء للتعرف على أهم الصعوبات التي تعترض عملهم, فقالوا: إن الوكالات التي يتم تنظيمها لا تسمح للمحامي بمتابعة كل أمور موكّله في القضاء والمؤسسات الرسمية وهذا يستدعي تنظيم عدة وكالات لهذا الأمر وهو مرهق مالياً للموكّل، متمنين أن تكون الوكالة شاملة بما يخص القضية موضوع التوكيل لإنجازها بأسرع وقت ممكن، مطالبين بضرورة إعادة النظر بالتكليف الضريبي للمحامين وإصدار قانون مزاولة المهنة واعتماد محام في كل مؤسسة عامة لمتابعة أمورها القانونية أمام القضاء.

نقيب المحامين في حماة حيدر فرداوي رأى أن الوكالة القضائية المنظمة في مكتب توثيق الوكالات بنقابة المحامين تخوّل المحامي القيام بأعمال قضائية أمام المحاكم ويمكن أن ينتج عنها بعض الأعمال الإدارية لمصلحة الدعوى فقط ويتم تصدير وكالة إدارية متممة لأعمال الدعوى، مشيراً إلى أن من واجب المحامي محاربة الفساد والفاسدين وهو شريك في تطبيق القانون ولكن لوحظ أنه في بعض الأحيان أن هناك تشدداً مبالغاً به في تطبيق بعض مواد القانون، كالقانون رقم ٨ لعام ٢٠٢١ وخاصة في بعض القضايا ذات التوصيف الجنحي.

وأضاف فرداوي: إن المرسوم رقم ٣ المتعلق بالتعامل بالعملات الأجنبية التي نعتبرها والمجتمع مخالفة للقانون ومضرّة بالاقتصاد ولكن عندما يكون في الدعوى أكثر من شخص بعضهم أو أحدهم بريئاً فلا يجوز إخلاء سبيله مهما تأخرت إجراءات التقاضي، وهنا يكون الموقوف في ظلامة وخاصة إذا صدر القرار بمنع محاكمته ويكون قضى مدة في السجن من دون مبرر، وتم طرح هذا الأمر أمام السلطات القضائية من نقابة المحامين وفي عدة مناسبات من دون أن تلقى استجابة حتى الآن.

ولفت فرداوي إلى أن إجراءات كف البحث وبعض الإجراءات الأخرى في القضاء العسكري أسرع منها في القضاء المدني ولاسيما المتعلقة بكف البحث بعد صدور مراسيم العفو أو سقوطها بالتقادم، حيث يتم كفّ البحث من دون مراجعة صاحب العلاقة للدوائر المختصة، وهذا يحظى برضا وقبول من المجتمع.

فرداوي أكد أن الأرشفة الإلكترونية والورقية بحاجة إلى تنظيم وتحتاج إلى إحداث عدد من المحاكم البدائية والصلحية وجنايات وإحالة ثالثة لتسريع إنجاز القضايا، ومن واجب المحامي أن يشير إلى أي ملاحظة في القوانين والقرارات والتعاميم التي تصدر والإعلام عنها لتتم معالجتها بالتعاون بين النقابة والمحامي العام أو المؤتمر العام والتواصل مع وزارة العدل والجهات ذات الصلة، موضحاً أن التعاون كبير جداً في هذا المجال وخاصة مع السلطة القضائية والعدلية، مشيراً إلى أن هناك بعض الملاحظات حول التعامل مع البيوع العقارية والتخمين المالي على القيمة الرائجة وأحياناً تكون الدعوى إقرارية وهي مرهقة جداً للمواطن وفي بعض الأحيان لا تحقق الغاية المرجوة منها.

يذكر أن عدد المحامين المسجلين في نقابة حماة يزيد على ألفي محامٍ بين أستاذ ومتمرّن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار