ليس في مصلحة أحدٍ
أيّ نزاعٍ أو صراع على الساحة الدولية، أياً تكن نتائجه وارتداداته، هو بلا شكٍ ليس في مصلحة أحدٍ، حتى من يحرّض عليه، وستكون كفة الخسارة هي الراجحة، لسبب بسيط وهو تهديد الأمن والسلم الدوليين اللذين يحتاجهما عالم اليوم أكثر من أي شيء آخر.
لا تأتي الحلول، ولا تتحقق بالصراعات والنزاعات بل إن الأمور تتجه نحو التعقيد أكثر فأكثر، وتبرز تناقضات وعوامل خطر جديدة وبؤر توتر تكلف المجتمع الدولي الكثير للخروج منها، أما الخسارة الكبرى فستكون من نصيب الشعوب المعرّضة دائماً للأخطار والتهديدات المباشرة على المستويات الديموغرافية والاجتماعية والمعيشية.
إن الضغوط الغربية والأمريكية على الدول ذات السيادة، كما في الحال الروسية تفضي دائماً إلى أزمات وصراعات، الجميع في غنى عنها، في سعيٍ أمريكي- غربي محموم وواضح لديمومة الفوضى وال*إر*ه*اب، فموجة اللجوء التي تشهدها أوكرانيا بسبب أمريكا والغرب، وكذلك ال*إر*ه*اب الذي ظهر فيها وشكّل مجموعات كلّ ذلك هو إعادة للسيناريوهات المعمول بها في سورية وليبيا والعراق واليمن وغيرها الكثير، وهي توجّهات أمريكية واضحة لإعادة تدوير ال*إر*ه*اب المنتقل عبر الساحات، وإن تكن النتائج كارثية لا يهمّ، فمصالح أمريكا أولاً حتى لو دمرت دولاً وأبادت شعوباً.
إن كان أحد يتحمّل مسؤولية ما يحصل اليوم فهو الولايات المتحدة والغرب نتيجة سياساتهم الخاطئة وغير المسؤولة والعدوانية، فهم يدفعون للحروب، ويسرعون إلى إذكاء نيرانها، ويجلسون متفرّجين على الويلات التي تصيب الإنسانية بسببهم، هذه الإنسانية التي يتاجرون بها على اختلاف أماكنها، وفي كلّ الأحوال، فإن التعاطي المزدوج مع الإنسانية هو أحد أوجه سقوطهم الأخلاقي.
على نحوٍ عام، إن الأزمات مرتدّة بحكم التاريخ والتجارب، وخلق بؤرة لا*إر*ه*اباب في المحيط الروسي مسنوداً بدعم غربي للجانب الأوكراني بالسلاح لن يُبقي هذا الغرب في مأمن، فالنار ستطول الجميع، والسلاح سيكون سيفاً ذا حدّين، ومن غير المستبعد أن تكون الساحة الأوروبية على موعد جديد مع عمليات إر*ها*بية في المستقبل القريب إن بقي الوضع على حاله.
إن ضبط قواعد النظام الدولي عند الحدّ الأمريكي ولّى زمنه وانقضى، كما أن الإذعان الغربي الكامل لواشنطن ليس صواباً، والإبقاء على استدامة الحروب في هذه المرحلة الدولية الحسّاسة لا يخدم الأمن والسلام الدوليين، ولا بدّ من تغليب لغة الحوار والاحتكام إلى المتغيّرات الحاصلة لأنه يصبّ في مصلحة الجميع.