التأجيج المستمر ..
اتسم التدخل الأمريكي في الأزمة الأوكرانية من البداية وحتى الآن بالتأجيج وصبِّ الزيت على النار، وكل المساعدات التي تعلن عنها واشنطن هي أسلحة ومعدات عسكرية فتاكة بمئات ملايين الدولارات وجرّت حلفاءها الأوروبيين وحلف الناتو إلى الطريق نفسه حتى تحول الأمر الى ما يشبه السباق لإغراق أوكرانيا بالسلاح وإهمال أي طرق أخرى لحلِّ الأزمة التي افتعلتها الأصابع الأمريكية واستمرت في التحريض والتأليب ضد روسيا طوال عقدين من الزمن وحالت دون التقارب والتقريب بين الشعبين الشقيقين الروسي والأوكراني .
ماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية من وراء هذا الكمِّ الهائل من الأسلحة الفتاكة التي تدفع بها هي وحلفاؤها إلى الداخل الأوكراني ؟ الواضح تماماً أنها لا تسعى لحلِّ الأزمة وإنما لإطالة أمد الأزمة واستمرار حالة الحرب والعداء بين أوكرانيا وروسيا لعشرات السنين وتفجير شلالات الدماء الأوكرانية والروسية بواسطة هذه الأسلحة ومواصلة القتال والاستنزاف لتدمير البلدين الجارين وبموازاة ذلك تستمر إدارة بايدن بتجييش العالم ضد الاتحاد الروسي وتصعيد الحرب النقدية والنفسية والإعلامية عليه ومحاولة خلق حالة من الاصطفاف العالمي في مواجهة روسيا من خلال الحصار والمقاطعة وفرض العقوبات غير المسبوقة وصولاً إلى الهدف الأمريكي بجعل روسيا دولة منبوذة عالمياً .
بعد انسحاب أمريكي مذل من أفغانستان وسقوط رهاناتها في كازاخستان وانكسار المشروع الإرهابي التكفيري في سورية عمدت إلى الحرب بالآخرين وبشكل غير مباشر ومن دون تدخل عسكري مباشر، فطوقت روسيا بدول معادية وضمت إلى حلف شمال الأطلسي أغلبية الدول التي كانت ضمن حلف وارسو وأصبح عدد أعضائه أكثر من ثلاثين دولة بعد أن كان العدد لا يتجاوز اثنتي عشرة دولة خلافاً للاتفاقيات والتفاهمات مع موسكو حين تم حلّ حلف وارسو وبدأ التمدد شرقاً لخنق روسيا في سلسلة من الاستفزازات آخرها تحريض نظام كييف على المواطنين الروس في دونباس وارتكاب مجازر جماعية وإبادات وتفجير الأزمة الأوكرانية بوجه روسيا عسكرياً .
إلى أين تريد واشنطن أن تصل من هذا التطويق والحصار والتجييش ونشر الكراهية والعداوة ضد روسيا ؟ يبدو أن الإدارة الأمريكية وجدت الفرصة سانحة لتخويف أوروبا من روسيا ودق إسفين عميق في علاقات الطرفين ولذلك تتوالى قرارات المقاطعة الأوروبية ضد روسيا إلى حدٍّ غير مسبوق رغم أن الخاسر الأكبر في ذلك هو الدول الأوروبية، لكن تريد واشنطن أن ترهن أوروبا لمصلحتها وأن تحوِّل الأوروبيين إلى اتباع وخدم لمصالحها وإلى أمد بعيد.
tu.saqr@gmail.com