الإصلاح الإداري
بعد أشهر طويلة من صدور نتائج وتوصيات مؤتمر الإصلاح الإداري يمكننا أن نسأل: أين هي النتائج من ذلك البرنامج الطموح الذي تفاءلنا به كمنطلق لإصلاح الوظيفة العامة وما يترتب عليه من القضاء على الروتين والبيروقراطية والحد من الفساد فيها، من خلال تحسين دخول العاملين وتحقيق الرضا الوظيفي؟
المواطن يفهم أن الإصلاح الإداري يعني توفير وقته وجهده وماله ووضوح القوانين وعدم حاجته للجوء إلى جهابذة الفساد لإصدار تفسيرات بكل حالة معينة، فهل تحقق ذلك؟
الموظف يفهم أن الإصلاح الإداري سيتضمن مكتسبات مادية ومعنوية تحقق له بيئة عمل مناسبة تبعده عن كل المغريات بالفساد، وتضمن تحقيق مقولة “الرجل المناسب في المكان المناسب”، فهل تحقق ذلك؟
يمكننا القول إن نتائج المؤتمر اقتصرت على إلغاء بعض المناصب الإدارية في المستويات العليا والمتوسطة وضغط بعض النفقات الإدارية، لكن في حالات كثيرة نتجت عن ذلك زيادة الهدر في الوقت والمال بشكل أكبر مما تم توفيره، فعلى سبيل المثال تقليل مخصصات الأوراق دفع الموظفين لإعادة استعمال الورقة لمرتين، ما أدى إلى تعطل الطابعات التي باتت تكلف الكثير…
والأمر الآخر الذي يمكن أن نقول إنه تحقق هو المسابقة المركزية لتعيين موظفين في أغلب جهاتنا العامة حسب حاجتها، لكن عدم التحضير الجيد في أماكن التقدم لها شكل إرهاقا ماديا ومعنويا للمتقدمين، ما جعلنا نتوقع أن يمتد ذلك إلى الاختبارات الكتابية والشفهية للعدد الهائل من المرشحين..
لا نريد الدخول في نظريات الإصلاح الإداري المتعارف عليها لأن لكل بلد خصوصيته وظروفه، ونحن في خضم حرب معلنة علينا، وبالتالي فنحن بحاجة إلى نظرية خاصة بنا تراعي ظروف بلدنا واقتصادنا وموظفينا ومواطنينا، لأن اقتصار مفهوم الإصلاح الإداري على توفير النفقات من دون مراعاة ما يترتب عليه من منغصات للعمل سيؤدي إلى نتائج عكسية لا نتمناها جميعا.