«خارج المخطط»..؟!

على غير عادتها.. قررت فجأة حزم أمتعتها والسفر إلى مدينتها المزدحمة لعلّها تغير روتين حياتها الذي فرضته ظروف المعيشة الصعبة، متناسية عن قصد إجراء حساباتها المعتادة منعاً لتغير رأيها لكون تكلفة «سفرتها» ستكسر جيبتها لآخر الشهر.
ولم يستلزم الأمر وقتاً طويلاً حتى أدركت فداحة قرارها غير المدروس بعد معاناتها الشديدة في الظفر بمقعد في «سرفيس» الأحلام لأن ركوبها بـ«التكاسي» خارج مخطط رصيدها المحدود بعد تحليق أسعار هذه الخدمة عالياً، فالبقاء ساعات طويلة على قارعة الطريق والاضطرار إلى إبراز قوتها في معركة «الدفش» «شفط» عندها أي رغبة في «شم الهواء» بضرائبه مرتفعة العيار في ظل أزمة نقل خانقة لم تجد طريقها للحل منذ أعوام، ما جعل قرار “صديقتنا” الهاربة من روتينها الممل وكل مواطن يرغب في كسر مؤقت لنمط حياته محكوماً بالفشل مادامت الجيوب ليست «عمرانة», وسريان الاعتقاد بأن امتلاك سيارة هو ترفيه يحسد عليه صاحبه.
إبقاء “مسحة” الرضا المتبقية على وجوه أصحاب الدخل المحدود وتحسين إنتاجية الموظفين يحتاج قطعاً إلى خطوات فاعلة تحسّن حال جيبه وتحل مشكلة النقل «العويصة» بإيجاد وسائل نقل كافية تسهم في وصول المواطنين من بيوتهم إلى أشغالهم من دون «تعتير» وتجبرهم على دفع مبالغ زائدة تفوق قدرتهم على التحمل، فالميزانية الكبيرة المخصصة للنقل دفعت كثيرين للجلوس في البيوت لكون رواتبهم تدفع أجوراً لتنقلاتهم الوظيفية فقط، أما مشاوير «الترفيه» كما كانت تأمل “صديقتنا” فقد حذفت منذ أعوام من خطط محدودي الدخل إلّا ما ندر بعد «ضرب أخماس بأسداس» تفرمل غالباً بسبب تكاليف النقل المرهقة وخاصة إذا كان الراغبون بالترفيه عائلة بأكملها، ما يستلزم دفع معلوم باهظ يلمس سقف المليون، وهو غير متاح، فالحالة «تعبانة يا ليلى ومصاري ما في» لتأمين مستلزمات المعيشة، فكيف للترفيه لا سمح الله.
تخفيف حدة أزمة النقل في جميع المحافظات, ولم نقل الخلاص منها نهائياً لأن هذا المطلب الجماعي لن يتحقق في الأفق القريب، يتطلب التفكير من خارج الصندوق واتخاذ إجراءات جريئة تحسن واقع هذه الخدمات كأن تتحمل الوزارات نفقات نقل موظفيها، وهي قادرة على ذلك وضخ وسائل نقل أكثر في أوقات الذروة مع مراقبة شديدة تضبط مزاجية سائقي وسائل النقل، ومن دون ذلك سيبقى وجه الموظف والمواطن عموماً مكفهراً مع طبقات سميكة من التذمر، أما صديقتنا التي يبدو أنها «أكلت مقلباً» دفعته من “كيسها”..فلا يسعنى سوى القول «خيرها بغيرها» منكهة بـ «نصيحة محبين» أن شوية حسابات لا تضرّ على مبدأ «من لا يحسب لا يسلم».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار