هل يحمي القانون كبار السن من التنمر؟
تنتشر بشكل كبير في المجتمع ظاهرة التنمر ويتصدى لها بالمعالجة اختصاصيي علم النفس والاجتماع؛ ويتعرض لها جميع أفراد المجتمع، لكننا نسأل هل يحمي القانون كبار السن من التنمر؟
المحامية جولييت ضائع قالت لـ«تشرين»: إذا تتطرقنا للمسألة، فأننا نجد أن القانون المصري عالج هذه المسألة في قانون العقوبات في المادة (٣٠٩) حيث نصت: يعد تنمراً كل استعراض أو قوة أو سيطرة للجاني، أو استغلال ضعف للمجني عليه، أو الحالة التي يعتقد الجاني أنها تسيء للمجني عليه، كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية، أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي، بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه عن محيطه الاجتماعي، وعقوبتها الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على ثلاثين ألفاً أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتشير المحامية ضائع: بينما لا نجد نصاً مقابلاً له في قانون العقوبات السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /١٤/تاريخ ١٩٤٩ إلاّ أنه وإن كان النص بالمفردات الحديثة غير موجود بحرفيته، إلا أن معالجة القانون للمظاهر المتمخضة عنه حاضرة بقوة في تشريعنا، وسأورد على سبيل المثال لا الحصر بعضها:
المتنمر قد يلجأ للإساءة إلى ضحيته باستخدام الألفاظ المسيئة، وهنا قد يشكل فعل المتنمر جرحاً يسمى القدح أو الذم حيث نصت المادة /٣٧٥/ عقوبات عام على: حددت المادة /٥٦٨/ عقوبات عام _ الذم العلني بالحبس من ثلاثة أشهر، وبالغرامة من ألفين إلى عشرة آلاف ليرة وبالغرامة وحدها إذا لم يكن القدح علنياً.
أما إذا أخذ التنمر طابعاً عنيفاً، فهو بالضرورة يتضمن إيذاء للضحية، وقد يكون نفسياً أو جسدياً، وهنا نجد القانون قد عالج الجرائم التي تنطوي على الإيذاء بكافة أشكاله وأتاح للمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر الجسدي والأضرار المعنوية أيضاً.
وقد حددت المادة/٥٤٠/ عقوبة من أقدم على ضرب أو جرح أو إيذاء شخص، وأدى ذلك لتعطيله عن العمل مدة لا تقل عن عشرة أيام، وستة أشهر على الأكثر، أو الحبس التكديري، وبالغرامة من خمسمئة إلى ألفي ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين.
أما إذا نجم عن الأذى تعطيل عن العمل مدة تزيد على عشرة أيام، فعقوبة الفاعل حسب المادة /٥٤١/ الحبس مدة لا تتجاوز السنة، وغرامة ألفي ليرة على الأكثر، أو بإحدى هاتين العقوبتين فإن زاد التعطيل على عشرين يوماً بحسب المادة/٥٤٢/ فالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات فضلاً عن الغرامة السابق ذكرها.
وبرأي د. غسان منصور- كلية التربية علم النفس المعرفي جامعة دمشق في معرض إجابته على تساؤلنا لماذا يلجأ البعض إلى التنمر على كبار السن وما تأثير ذلك على نفسياتهم: إن فقدان الاحترام كقيمة فقدان الأخلاق، التي تحولت إلى سياسة نفعية فقط هو نتيجة لما يحدث في البيوت والمدارس والمجتمع؛ فحتى القوانين الوضعية لا تحمي كبار السن، ويتم التعامل معهم على أنهم عالة على المجتمع والدولة، لعدم وجود قوانين تحميهم من التنمر في الوظائف والأعمال؛ ويشرح د منصور التغيرات النفسية التي تجعل الإنسان يعدل ويطور سلوكه كي يتعايش مع الظروف المحيطة؛ وبعد سن الستين تقريباً يشعر أنه خارج التشكيلة العائلية، فلا رأي له ولا قيمة ولا مكانة إلا ما قل ودل، حيث يبدأ بالسلوك التعويضي من الآخرين، خاصة القريبين منه، ويحاول أن يستجدي منفعة معينة ولكن من دون جدوى، ما يؤدي إلى قتله نفسياً قبل أن يموت وهذا ما يحدث عندما نتخلى عن هؤلاء الكبار ووضعهم في دور المسنين وتحييدهم عن الحياة اليومية حتى لو كانوا يعيشون مع عائلاتهم.