هل يحاسب القانون على الخيانة الزوجية ؟
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً بعناوين جديدة لم تكن متداولة سابقاً، وأثارت اهتمام شريحة واسعة في المجتمع، وقد أعقبت تصريحات مهمة منسوبة لقاضي بداية الجزاء الأول في دمشق الأستاذ طارق الكردي، تناولت موضوع الخيانة الزوجية، وعقوبة الزوج الخائن، وإمكانية ملاحقته أمام القضاء من قبل الزوجة، وهنا لابدّ من بعض التوضيحات في هذا الشأن، إذ لابدّ من الوقوف على معنى الخيانة الزوجية المعاقب عليها في القانون السوري، وما إذا كانت معالجة هذا الجرم حديثة العهد أم لا.
المحامية جولييت ضائع بيّنت أن المشرّع السوري عالج مسألة الجنح المخلة بآداب الأسرة في المواد /473-474-475/ من قانون العقوبات، الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1949م، بهدف إحاطة الأسرة بالرعاية والحماية من الجرائم التي تمسها، بما يكفل للأسرة الجو النظيف بضبط الدوافع الفطرية ضمن عقود الزواج.
إلا أن الخيانة الزوجية بالمفهوم الاجتماعي تأخذ طابعاً أوسع مما تناوله النص القانوني، فهي لا تقتصر على إقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج، بل تتعداها إلى إمكانية الاشتباه بتلك الخيانة لمجرد التواجد بمكان واحد، ولو كان بسبب الوظيفة، أو مجرد تبادل نظرات الإعجاب، وعبارات الود أو رسائل الهواتف النقالة أو غيرها من الحالات.
لا بل إن البعض يعدّ مجرد تفكير الزوج بأنثى أخرى ولو بقرارة نفسه خيانةً.
بينما نجد الخيانة الزوجية التي تناولها المشرّع في نص القانون هي حالة زنا حصراً، وليست مخصصة للزوج الخائن فحسب، بل الزوجة أيضاً مع وجود فوارق مهمة بين الرجل والمرأة، لناحية قيام الجرم وتكييفه وأدلة إثباته ومقدار العقوبة، بل وشروط الملاحقة بالجرم أيضاً.
فلا تقوم جريمة الزنا بالنسبة للرجل، إلا إذا ارتكب الزنا في منزل الزوجية، أو اتخذ له خليلة جهاراً، بينما المرأة الزانية يثبت زناها في أي مكان ومن دون أي شروط.
عقوبة المرأة الزانية، سواءً كانت متزوجة أم لا، الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، وعقوبة شريكها غير المتزوج بالحبس من شهر إلى سنة، أما إذا كان شريكها متزوجاً عوقب بنفس عقوبتها.
وعقوبة الزاني المتزوج حصراً الحبس من شهر إلى سنة، وتعاقب شريكته بنفس عقوبته سواءً كانت متزوجة أم لا.
أما إثبات الجرم على كل من المرأة (فاعلاً- شريكاً)، والرجل عندما يكون فاعلاً أصلياً فيخضع للقواعد العامة، ومنها شهادة الشهود التي يعود أمر تقديرها لقناعة المحكمة، أما الرجل عندما يكون شريكاً في جرم الزنا فلا يثبت عليه الجرم إلا بإقراره، أو في حالة الزنا المشهود، أو الأدلة الناشئة عن الرسائل والوثائق الخطية التي كتبها.
ويشترط للملاحقة بالجرم تقديم ادعاء شخصي من المجني عليه، وهو الزوج أو الزوجة في حال قيام الزوجية أو الولي على عمود النسب عند عدم قيام الزوجية بالنسبة للمرأة على ألّا يكون الزنا قد حدث بموافقته، ولا أن يكون الزوج قد استمر بحياته الزوجية بعد علمه بالزنا، وألا يكون قد مرت مدة ثلاثة أشهر على العلم بالزنا، ويشار إلى أن إسقاط الحق الشخصي يتبعه سقوط الحق العام في هذه الجريمة صيانة لخصوصية الأسرة.
إذاً لا جديد لناحية موقف القانون من الخيانة الزوجية، ولا مجال للكيدية في الشكاوى، نظراً لكون القانون قد تشدد في إثبات الجرم، فالقانون لن يكون سيفاً مسلطاً على رقبة الزوج غير الوفي، كما أن تجاوز الحدود بالإساءة للزوجة والأسرة سيجعل من يسيء للأسرة في مواجهة القانون، وعليكم الاحتكام لضمائركم قبل كل شيء.
وباعتقادي كحقوقية أن معالجة القانون لهذا الجرم بالفوارق التي أوضحتها آنفاً، والتي لا مبرر لوجودها، خلقت عدم المساواة بين المرأة و الرجل، وحبذا لو أن المشرّع أزال هذه الفوارق أسوة بالتشريع الإسلامي، مادمنا في عصر تساوت فيه المرأة مع الرجل، ولأن المواطنين متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات بنص الدستور.