سيدات بشهادات عالية يفضلن الأسرة على الوظيفة خارج المنزل
لم يعد غريباً أن تجيب ربة المنزل عن سؤال يردده الكثيرون ماذا تعملين؟ أربي أطفالي وأهتم بنفسي وزوجي، فهي لا تريد أن تعيش صراعاً داخلياً نفسياً لتقوم بالعديد من الأدوار.. وربات البيوت هن نساء حاصلات على شهادات علمية فضلن الأسرة على سوق العمل.
تروي فدوى (سيدة متزوجة وأم لثلاثة أبناء) قائلة: هاجس الجمع بين الوظيفة والاهتمام بشؤون الأسرة لم يعد حلم الفتيات اليوم، فبالرغم من أن معظمهن يحملن شهادات جامعية تؤهلهن لاستلام مناصب مهمة، إلا أن أكثر من نصفهن فضلن المكوث في المنزل تجنباً لعيش صراع داخلي بين العديد من الأدوار، الأمر الذي سيرهقهن مستقبلاً، وتالياً فإن العديد من الأزواج يفضلون زوجات غير عاملات، حتى لو كنّ يحملن شهادات، ولكنهم يرغبون بقيامهن بواجباتهن في المنزل تجاه أبنائهن وأزاوجهن.
في حين اختارت فاتن (حاصلة على إجازة في الاقتصاد) الزواج والمكوث في المنزل عن الالتحاق بسوق العمل، وفي هذا السياق تقول: قراري جاء عن رضا وطواعية، ولم يرغمني زوجي على ذلك، لأنني ببساطة لا أستطيع التوفيق بين أسرتي وعملي وأطفالي، فمهما حاولت خلق التوازن المطلوب فلن أنجح، لأنه سيكون مرهقاً لي على المدى البعيد.
د. سمر علي – علم اجتماع – جامعة دمشق بينت أن تعليم المرأة وتحصيلها العلمي من أهم خطوات تمكينها اجتماعياً وعلمياً وثقافياً، ولم يعد مألوفاً في الوقت الحالي أن تبقى المرأة بعيداً عن التعليم وحتى المناصب المهنية والاجتماعية المتنوعة بكل الاختصاصات والمجالات، ولكن للمرأة العديد من الأدوار الاجتماعية المنوطة بها، فهي الأم – الزوجة- العاملة- الطالبة – وغيرها، وعليها القيام بكل تلك الأدوار على أكمل وجه وإلا اتهمت بالتقصير، وتالياً كان عليها التوفيق وإيجاد التوازن بين كل تلك الأدوار.
وأضافت: إذا اختارت الأم العمل للاستفادة من سنوات دراستها وتحصيلها الأكاديمي في الحصول على عمل أو منصب وظيفي، فسيكون عليها العبء مضاعفاً بين واجبات العمل والمنزل تجاه الأبناء والزوج ورعايتهم، وهذا ما أثبتته العديد من النساء بقدرتهن على القيام به، فلم يمنع المرأة لكونها أماً لديها مسؤوليات تجاه الأبناء عن البقاء والتميز في مراكز وظيفية كوزيرة ومديرة ومسؤولة في شركات كبرى.
في المقابل قد تواجه بعض السيدات صعوبة في تحقيق ذلك، خصوصاً عندما يعارض الزوج أو الأبناء عملها، أو يرفضون مشاركتها أو مساعدتها في تحمل المسؤولية، فإذا اتفقنا على أن تعلم المرأة وعملها يجعلان منها أقدر على تربية وتعليم أبنائها ورفع مستوى ثقافتهم ودورهم في المجتمع، كما أن عملها يساعد بدرجة كبيرة في دعم الحالة المادية للأسرة، لاسيما في ظل الظروف المعيشية الصعبة حالياً.
فهل من المنطقي أن يأكل الغبار الشهادات الأكاديمية والمهنية، وبقاء المرأة رهينة الأعمال المنزلية ورعاية الأسرة؟ علماً أن المرأة العاملة تتمتع ببعض الحقوق الوظيفية التي تساعدها في رعاية الأسرة كإجازة الأمومة المدفوعة الأجر والطبابة والتأمين الصحي والمساعدة في تكاليف العمليات الجراحية، كما ورد في القانون الأساسي للعاملين في الدولة.
من ناحية أخرى نعلم أن المرأة نصف المجتمع لكنها تقوم بتنشئة وتربية النصف الآخر، وتالياً لابد من منحها كل ما نستطيع في بيئة مثالية، لتنمو خبراتها وقدراتها وتمكينها اجتماعياً واقتصادياً، لتعطي كل ما اكتسبته من معارف وخبرات ومهارات تساهم في بناء وتنمية المجتمع، فإذا قمنا بتعليم المرأة نكون قد علمنا مجتمعاً بأكمله، وإذا ساهمنا في إلغاء دورها الاجتماعي نكون قد عطلنا نصف خبرات المجتمع وإمكاناته.
والسؤال: كيف نساعد بقاء المرأة ضمن كل أدوارها الاجتماعية بتوازن؟ والجواب في تحسين ظروف وفرص عملها، وتعديل مدة الأمومة لإعطائها وقتاً كافياً لرعاية صغارها، ومن ثم منح فرص العمل والترقي ودعم زملائها في العمل وزوجها وأولادها، من خلال تقاسم بعض المسؤوليات والواجبات، التي لا تنتقص من أدوارهم أو قيمهم الاجتماعية، وتشجيع ثقافة المشاركة والتعاون في المسؤوليات الأسرية، لأن تمكين المرأة وتفوقها الأكاديمي والوظيفي لابد أن ينعكسا إيجاباً في تربية الأبناء ومستقبلهم لاحقاً، وفي تنمية وازدهار المجتمع، وتسريع عجلة النمو والتقدم.