مشاركة الأبوين في تدريس أبنائهما تحسّن مستواهم العلمي!
تشهد مهمة تدريس الأبناء ومتابعة تحصيلهم الدراسي غياباً تاماً من قبل الكثير من الآباء، حيث يعتقدون أن دور الأم وحدها يكفي ليكون بوابة تفوق لهم، ورغم حرص الأمهات وتفانيهن إلا أنهن يفتقدن مساندة شركائهن خصوصاً عندما يكون الأبناء في المراحل الإعدادية التي تتطلب من الوالدين مجهوداً كبيراً وتخصيص وقت طويل لمساعدتهم في المذاكرة، فالآباء والأمهات هم المسؤولون عن دعم وإنجاح مسيرة التعليم وتحقيق أهدافها المرجوة، كما أنهم المعلم الأول والأهم للابن فعندما يتشارك أولياء الأمور في تدريس أبنائهم فإن مستواهم يتحسن أكاديمياً فيحبون المدرسة.
فاديا تمر- أم لولدين- بينت أن واجب الأب والأم أن يتعاونا على تدريس الأبناء وذلك وفقاً لخلفيتهما العلمية، واعتبرت أنه من الصعب تخيل أن كل الأمهات متعلمات بالقدر الكافي الذي يمكنهن من متابعة المناهج الدراسية المختلفة لأبنائهن لاسيما إذا كانوا في مراحل دراسية مختلفة، وهنا تبرز أهمية مشاركة الأب الذي يسد النقص أو يغطي الجوانب التي تعجز عن تغطيتها الأم.
أما وداد يوسف، معلمة، فقالت: يخطئ من يعتقد أن متابعة دراسة الأبناء هي من مهام الأم فقط، تماماً كأي مهمة في المنزل، بل إنها مهمة تربوية شاقة تحتاج إلى تكامل الأدوار بين الأبوين، وشرحت أن تربية الأبناء مسؤولية مشتركة بين الأب والأم كل بما يستطيع تحمله، فعلى سبيل المثال متابعة الأبناء في المدرسة يجب أن تكون مسؤولية الأب، لأن شخصيته أقوى في نظر أبنائه، وتالياً لأنهم يخشونه أكثر ويكون سلوكهم قويماً في الدراسة، وتابعت: الأم أكثر ملاءمة من الرجل في الاعتناء بالتغذية السليمة والنظام الصحي للأبناء، وأكدت على ضرورة وجود الآباء في عملية متابعة التحصيل العلمي للأبناء بعد المدرسة، ما يترك لديهم شعوراً بالالتزام والتركيز.
ويشير مالك الشومري، موجه اختصاص وخبير في الطفولة المبكرة، إلى أن متابعة الآباء لدراسة أبنائهم تنطوي على أبعاد إيجابية فيما يتعلق بالجانب التربوي والتعليمي والنفسي، حتى إن كانت تلك المتابعة محدودة وفي فترات متباعدة، فهي تحقق نوعاً من الاستقرار والتوازن العاطفي والنفسي، وذلك نتيجة التفاعل والمشاركة والاحترام في المعاملة، وكذلك إبراز دور الأب الفاعل وتأثيره في عملية متابعة التحصيل العلمي لأبنائه، والذي يمنحهم شعوراً بالفخر والاعتزاز، لكن جرت العادة أن تقوم الأم وحدها بمتابعة الدروس اليومية للأولاد في المنزل، رغم أن هذه المسؤولية مطلوبة من الشريكين، فتدريس الأبناء جزء من حياة الأب والأم على حد سواء، وهما يلعبان دوراً فعالاً في مساعدة أبنائهما من الناحية التعليمية، فالعامل النفسي للابن أهم شيء بحياته فإذا تم تأمين البيئة المريحة له كان إنتاجه أفضل، وعندما يجد الطفل الاهتمام والرعاية من أبويه بالوتيرة نفسها فإن ذلك يجعل منه ولداً سوياً متصالحاً مع نفسه ومع الآخرين وهذا ينعكس إيجاباً على تحصيله العلمي، وعندما نؤمن له الحب والحنان والاهتمام فإننا بذلك نسرّع عملية تعلمه ونبني مكونات شخصيته منذ الصغر بزرع الثقة بنفسه والآخرين.
وأكد الشومري أن الطفل بحاجة لمشاركة التربية والرعاية من الأم والأب معاً، فعندما يكون النموذج أمامه (الأم والأب) يكون بذلك قد كوّن صورة عن رجل المستقبل فيصبح نموذجاً صالحاً إضافة للمربية والبيئة الآمنة والحافزة للطفل، فنحن ننطلق في تربية الطفل من المراحل النمائية وحاجات تلك المراحل.
واختتم الشومري بأنه يجب علينا تعويد أطفالنا في مراحل مبكرة سواء في رياض الأطفال أو في المنزل على عملية البحث والاستقصاء والتجربة عن طريق اللعب، وتأمين البيئة النموذجية، مادية كانت أم بشرية وعدم وضع الحلول أمامه، فمن المفترض التنوع بالوسائل والأدوات لكي يبحث بنفسه عن الحلول، وبالتالي يستخدم العمليات العقلية من استقراء واستنتاج وتقصي الحقائق والتجارب وزرع الثقة بنفسه ليكون قادراً على متابعة دراسته بنفسه من دون طلب مساعدة أمه أو أبيه في المراحل المتقدمة من الدراسة وخاصة في حال لم يكن الأهل أصحاب علم ولم يحملوا شهادات.