هل الكتاب الأكثر أماناً للطفل من وسائل التكنولوجيا؟
أسهمت تقنيات العصر بشكل كبير في تغيير اهتمامات الأطفال ووسائل تعليمهم أيضاً، فالتقنية الرقمية أتاحت فرصاً أكبر في الوصول إلى المعلومة واللعب والتسلية، ولكن التكنولوجيا الحديثة أثرت سلباً في تفكير الطفل؛ وهو ما يوجب على المهتم بهذه الشريحة أن يطوّر نفسه، وأدواته الفنية بصفة مستمرة ليواكب هذه المتغيّرات، ومراقبة «الميديا» الحديثة والمواد التي تقدم للأطفال وتؤثر فيهم. فهم يقضون وقتاً طويلاً أمام وسائل التواصل وصل إلى حدّ الإدمان، الأمر الذي يجعل كتاب الطفل ومطبوعاته الورقية في منافسة صعبة مع الميديا الإلكترونية والمواقع التفاعلية للأطفال.
المرشد التربوي النفسي وليد عرابي بيّن أن كتاب الطفل يُعدّ ركيزة أساسية من أساسيات بناء شخصيته، وإحدى الوسائل المهمة في عمليات التنشئة والتربية، إلا أنه يواجه تحديات خطيرة قد تهدّد مستقبله أمام السيطرة الكبيرة لأفلام الكرتون والألعاب الإلكترونية وحتى شخصية الطفل نفسها تغيّرت وهو يمسك بـ «الموبايل» الذي يلهو به وهو في سنّ مبكرة.
فالأهل يسهمون في تعلق الطفل به ليكون هو أداة المعرفة بالعالم المحيط به ويشاهد ما به من صور وألوان جاذبة، من دون قصد منهم من خلال ارتباطهم النفسي بهذا الجهاز، وطول استخدامهم له تحت أي ذريعة علمية أو ترفيهية أو تواصل اجتماعي وما شابه، فالحفاظ على كتاب الطفل مرهون أولاً بإحياء القراءة في مدارسنا، وإعادة قيمة القراءة الورقية لهم.
وللمؤسسات التعليمية والثقافية دور رئيس في عمليات الإحياء، وعليها أن تخصّص ركناً للقراءة الحرة داخل المدارس، وأن تقيم مسابقات بين الطلاب على هذه القراءات، وقبل هذا الجهد لا بدّ للمدرسة أن تقوم بشكل رئيسي في تشجيع القراءة للأطفال لأنها تلاشت خلال السنوات الماضية.
بدورها المرشدة النفسية صبا حميشة بيّنت أنه لا بدّ من ضرورة إعادة القصص إلى المناهج المدرسية، وإعادة الحصص الصفية لزيارة مكتبة المدرسة والقراءة، حتى يعود الأطفال إلى عالم الكتب وبما يعود عليهم بالنفع والعودة إلى الكتابة للطفل التي تتضمّن تعليم اللغة العربية والمفردات الجديدة، ومخاطبة الوجدان والتأثير على أحاسيس الفن والجمال لديه، وربط الأطفال بالبيئة والنظافة والمعلومات التاريخية والمعلومات العامة، من خلال جميع أنواع الأدب الخاص بالطفل، كالقصة والرواية وقصص الأساطير، وقصص الحيوان والقصص الشعبية، والمسرح والإذاعة والتلفزيون لحماية الطفل، من الانسياق وراء المغريات في العالم الافتراضي.
وسوف تتحقق العلاقة بين الطفل والكتاب في المدرسة عندما نعيد ونحيي حصة المكتبة والقراءة الحرة مرة أخرى للمدارس الإبتدائية والإعدادية.
وهنا يأتي أيضاً دور الأسرة في عملية التنشئة الأولى، بتحفيز الأطفال منذ الصغر على مطالعة الصور الجذابة داخل الكتب، وتعويدهم في مرحلة رياض الأطفال على القراءة لتصبح كأيّ عادة، مثلما اعتاد الأطفال استخدام «الإنترنت».