تأثير فن الكاريكاتير على المجتمع
يدفع فن الكاريكاتير المتلقي إلى التفكير من خلال خطوط ساخرة ومعبرة، تنتقد أوضاعاً ثقافية أو اجتماعية أو اقتصاديه، وتقاوم الظلم في جميع أشكاله، ومن خلال بساطة هذا الفن يكون له تأثير كبير، لأنه يعبّر بصدق وشفافية، ويبعث على البسمة والضحك والأمل .
فن الكاريكاتير يؤثر غالباً في قضايا المجتمع المحلي، ويعمل على إيصال الرسائل المناسبة للقراء بأسلوب ساخر جذاب، فما مدى تأثيره على المجتمع؟
فنان الكاريكاتير رائد خليل بيّن أن علاقة الكاريكاتير بالمجتمع تقودنا لطرح أسئلة على أنفسنا أولاً: لمعرفة ما إذا كان الفن يُنتج الوعي النقدي للواقع المرئي، ويجعل القارئ مشاركاً فعالاً في تفاصيل اللغة الفنية الواقعية، لا بدّ من القول: إنّ حاجتنا الملحة لمعرفة الأشياء وتفسيرها واستجلاء وجودها، يدفعنا إلى سبر أغوار الوجود وماهيته، وهو ما يدفعنا أيضاً لتقييم الحالات ونقدها.
ولعلّ ما يُحدثه الفن عموماً من إنتاج جديد للوعي الاجتماعي الذي يهدف أساساً إلى تغيير المحيط وتوجهه الخلاق، يجعلنا نعيش متأملين إلى أقصى حدود التأمل في هذا العالم الذي يشكّل تياراً سرمدياً، على حد تعبير الفيلسوف اليوناني”هيراقليطس”.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن الواقع النقدي أو الوعي النقدي يتمتع بخصوصية مطلقة، أو إذا صحَّت التسمية تكون المسألة ذاتية صرفة.
فقد كتبنا الكثير من المواد التي تتناول الفن والأدب والحاضنة المعرفية التي تعد قوة تقودنا إلى توصيف أدق وأعمق، فالجمع مثلاً ما بين الفكرة والشكل الفني الحامل لها، يحرّض عقل القارئ تجاه العمل الإبداعي، ويثير مشاعره ويسهم في تكوين وعيه، وهو بذلك يمتلك القدرة على معاصرة المجتمعات ومواكبة تطوراتها.
ولكن لا يمكن أن يصل الوعي النقدي إلى أقصى درجاته، والقراءة الصحيحة للفنون والمشاركة الفعالة فيها تسهمان على نحو أو آخر في معرفة بعض تفاصيل الأمور، وهذا ليس استخفافاً بمقدرة القارئ على الاندماج مع الحالات المرسومة والمكتوبة.
فالحديث في مسألة الفن وإنتاجه لا ينتهي، وما يهمنا في واقع الأمر هو التذوق الفني، ومحاولة جادة لطرح نظرية “التوجّه المنتِج”، بحسب رأي أحد الفلاسفة.
وفي الفن، عناوين شغف، وأسلوبية لا تخلو من العفوية على ناصية التذوق والتعايش مع الحالات، ليترك لنا الفنان الصيغ الحسية تأخذ امتدادها في جلاء القول ورعشة البوح..!
يهيئ الفنان مناخ التقاويم ليخصّب التراكيب، بما يخدم الغرض في إيصال المبتغى إلى الشريحة الأكبر من دون إغفال الدور التعليمي للفن.
فرسالتا الفن والعلم تقفان على ناصية واحدة، ولكن تبقى مهمة الفن استفزازية في محاولة إيقاظ المخيلة على رؤى وأحلام، أما غاية العلم فهي محاولة توليف الإيقاظ ضمن محددات عملية مترجمة إلى نصوص تختزل كل الأشكال وإعادة تخصيبها.
إذاً توليف الإيقاظ، والاستفزاز العقلي، وتخصيب الأشكال، مفردات تنقلنا إلى الحديث عن الاستكشاف المعرفي والاختراق الفني، وتطرح سؤالاً مشروعاً في تمايزهما، ودرجة التأثير في مسيرة الحياة البشرية والتطور الإنساني.