الخذلان الأكبر
تعوّد المواطن على التبريرات التي يقدمها المسؤولون لتبرير أي اختناق أو تقصير في تقديم خدمة أو سلعة معينة، حتى أصبح أغلبنا يقدم التبريرات قبل المسؤولين عند مناقشة أي موضوع مع المحيطين به حول الأزمات المعيشية المتتالية التي يكاد لايمر يوم من دون “مغامرة” جديدة في تحصيل متطلبات الحياة، خاتماً بمقولة “الله يفرج عالبلاد والعباد” وذلك لإيمانه بقدرته على الصمود في وجه كل المؤامرات الخارجية في سبيل عزة وكرامة بلده.
ما يهمنا حالياً هو ألا يشعر المواطن بالخذلان من قبل الجهات الوصائية التي يأمل منها أن تكون المعين له فيما يعانيه اليوم معيشياً وخدمياً، لا أن تقوم بتصرفات تزيد من معاناته وتجعله يندم على ما بذله من تضحيات.
فعندما يحصل نقص في المحروقات أو المواد التموينية أو يتخذ قراراً بمنع استيراد بعض المواد الغذائية في عز الحاجة لها (كالجوز) أو عندما يتم تبرير ارتفاع سعر سلعة معينة بسبب عدم قدرة التوسع باستيرادها (كالزيت النباتي) لأنها يمكن أن تستنزف احتياطاتنا من القطع، ليصدر منذ أيام قرار لجنة إدارة مصرف سورية المركزي رقم 1422 المتضمن تعديل القائمة المرفقة بالقرار رقم 1070 /ل.إ تاريخ 31/8/2021 وتعديلاته، والسماح باستيراد عدة مواد الكثير منها ضروري لصناعتنا لكن من ضمنها الموبايلات وإكسسواراتها؟!
فهل إعادة فتح استيراد هذه الأجهزة أهم للمواطن من استيراد الجوز أو الموز مثلاً ؟ أم إن تأمين متطلبات الرفاهية لطبقة معينة مع قرب صدور النسخ المحدثة من الجوالات الباهظة الثمن والتي يمكن أن يصل سعر الواحد منها إلى رواتب عشرة موظفين من الفئة الأولى لمدة عام، أهم من تأمين الزيوت النباتية والرز والسكر؟ وهل أن تنزل بعض الماركات الغالية في دمشق قبل دبي أهم من تأمين المعلبات التي بات بعضها شبه مقطوع في أسواقنا؟
انطلاقاً مما سبق نتمنى تشكيل لجنة اقتصادية مصرفية نقدية تدرس بشكل موضوعي جميع قرارات السماح أو المنع للاستيراد ، للتأكد من أن مثل هذه القرارات لا تصدر تحت جنح الليل لتحقيق مصالح بعض الأشخاص على حساب المواطنين وعلى حساب احتياطاتنا من العملات الصعبة..