منح الأبناء مساحة للإخفاق يدفعهم للنجاح
يؤكد خبراء التربية أنه يجب ترك الأبناء يخفقون أحياناً لأن ذلك يهيئهم للنجاح في المستقبل، فعندما يصبحون بالغين سيكونون قادرين في التكيف مع المجتمع، وتحمل المزيد من المسؤوليات، وإدارة وقتهم، والدفاع عن أنفسهم، وتكوين صداقات.
يقول مهران وهو أب لولدين مراهقين: أندهش عندما أكتشف أن أبنائي لا يعرفون كيفية التعامل مع عدة مشكلات قد تواجههم، ويخفقون دائماً في حلها، ويلجؤون إلينا في حلها، من دون الاعتماد على أنفسهم أو تجربة حلها، ولاحقاً يكتشفون أن سبب الإخفاق هو انتقالهم من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ، من دون أن يعرفوا كيف يعتمدون على أنفسهم، ما يصيبهم بحالة من الذعر والعزلة والاكتئاب، والحنين الشديد دائماً للعودة إلى البيت، لأنه الأمان الوحيد لهم بعيداً عن أي مشكلة تعترضهم.
وفي هذا السياق تدعو د. عائشة ناصر «كلية التربية» جامعة دمشق إلى منح الأبناء مساحة مريحة للإخفاق، ثم تمكينهم من المحاولة مرة أخرى، لأن هذا كفيل بأن يُظهر أفضل ما لديهم.
وأشارت إلى أن أحد أصعب الأمور على الأبوين هو ترك أبنائهم يتعثرون، ويفشلون ويرتكبون الأخطاء، ولاحقاً سيكتشفون بأن فكرة السماح لهم بالفشل أو السقوط، على الرغم من أنها تبدو مخيفة وتثير مشاعر الذنب، أو الخجل للوالدين في بعض المواقف، إلا أنها ستمنح الأبناء المهارات التي يحتاجونها، حين يصبحون بالغين، أو في مرحلة متقدمة من أعمارهم، ويتمتعون بصحة جيدة، ولديهم القدرة على التكيف، وهنا يجب على الآباء مساعدة أبنائهم لاكتساب المهارات، قبل دمجهم في المجتمع تفادياً للمشاكل النفسية في مرحلة المراهقة.
وأكدت د. ناصر في معرض حديثها أن يدع الآباء أبناءهم يفشلون ويسقطون، ويشعرون بكل ما يريدون أن يشعروا به، ثم يتدخلون لتهدئتهم، والاستماع إليهم ومساعدتهم ولكن من دون تقديم حلول جاهزة.
أما رنا أم لطفلين فترى من وجهة نظرها أنه يمكن لبذل الجهد أن يساعد الطفل على تجربة أفضل لحظات الحياة، ومنحه إشباعاً بالتغلب على العقبات، وذلك بتعزيز مرونته، والمرونة والقدرة على التكيف والانحناء من دون الانكسار، ويستجيب الشخص المرن بنجاح للمشقة الشديدة أو المزمنة، وينتصر في مواجهة الشدائد، فالمرونة مهمة لأنه لا يستطيع أحد الهروب من تحديات الحياة المفاجئة في كثير من الأحيان.
ويمكن قياس مرونة الطفل من خلال ملاحظة قدرته على التعامل مع الإجهاد، وتتشكل أيضاً قدرته على التكيّف مع التحدي والنجاح، في مواجهته من خلال ما يمر به من تجارب وما يبنيه من علاقات.
ويمكن أن يساعد حصول الطفل على الدعم من شخص راشد وملتزم، سواء أكان أحد الوالدين، أو مقدم الرعاية أو المعلم في الشعور بتوافر المساندة اللازمة، للتغلب على الظروف الصعبة التي قد يواجهها.
ويمكن أن يكون هذا النوع من العلاقة مثل وسيلة داعمة، ومساندة تساعد الطفل على إدارة التوتر، وهو يطور مهاراته، كالتركيز وحل المشكلات، وضبط النفس، وكلما زادت قدرة الطفل وثقته بنفسه، أمكنه التخلص من وسائل الدعم تدريجياً، حتى يصبح قادراً على مواجهة الحياة بمفرده، ولا شك أن الطفل سيستفيد من وجود تعدد العلاقات الداعمة من حوله، وقد يكون من بين المرشحين الجد أو الجدة أو العمة وأقرباء آخرون.