كيف نتخلص من القلق الاجتماعي ..؟

يعدّ التواصل اللفظي أبسط أشكال التواصل لدى البشر؛ ومع ذلك فإنه كعنصر وحده ليس كافياً لإجراء التواصل بالشكل الأمثل؛ ولأن الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي فمن الطبيعي أن يلجأ إلى التفاعل مع الأشخاص المحيطين به ليحافظوا على وجودهم الاجتماعي؛ ولكن لا تحدث عملية التفاعل بين الناس بنفس الشكل عند الجميع؛ فقد تكون أمراً صعباً ومعقداً؛ وبالنسبة للبعض الآخر هي أمر في غاية السهولة.
فإذا أدركنا أن القيام بعملية التفاعل الاجتماعي صعبة عند أحد الأشخاص فأول ما يتبادر إلى أذهاننا هو أنه يعاني من اضطراب القلق الاجتماعي.
اختصاصية الصحة النفسية د.غنى نجاتي تبين أن القلق الاجتماعي هو اضطراب نفسي يتميز بالتوتر العالي المرافق للتجمعات الإنسانية، والمواقف التي تتطلب التواصل اللفظي والبصري مع الغرباء أو الأصدقاء أحياناً، وهذا الاضطراب النفسي لا علاقة له بالذكاء، أو الحالة الاقتصادية أو المكانة الاجتماعية، فهناك العديد من العباقرة من مؤلفي الكتب العلمية يتجنبون اللقاءات التلفزيونية والخطابات في المؤتمرات الثقافية؛ وهذا الاضطراب لا يظهر فجأة في حياة الراشدين، بل يمكن رؤيته في الطفولة، فقد تلاحظ المعلمة أن هناك طالباً يحصل على علامات تامة في الامتحانات الكتابية، ولكنه لا يتجرأ ويرفع يده للمشاركة الشفهية داخل الصف عندما تطرح المعلمة تساؤلاً ما؛ وهذا النوع من الأشخاص لديهم قناعة أن نظرات الآخرين لهم هي نقد لشكلهم، وسخرية من صوتهم، لذلك نراهم يتجنبون مواقف تجعلهم محط أنظار الآخرين، أو اهتمامهم لأن أفكارهم الداخلية السلبية تؤكد لهم أن اهتمام الناس لحديثهم هو للبحث عن أخطاء لهم والاستهزاء بها؛ ولعل أكثر ما يثير خوف الأشخاص، الذين يعانون اضطراب القلق الاجتماعي ، الأعراض العضوية التي ستحرجهم أمام الآخرين كالاحمرار والتعرق ورعشة الأطراف وعدم اتزان نبرة الصوت؛ وهناك أيضاً أعراض نفسية مرافقة له مثل تشتت الانتباه والتركيز، وضعف المحاكمة الإدراكية، وضياع الحديث والكلمات حتى لو تدرب مسبقاً، وحفظ كل ما ينوي قوله قد يقف محرجاً مجبراً على الصمت وكأنه لا يعلم الكلام .
وتبين د. نجاتي أن العلاج المعرفي السلوكي يظهر كأفضل نوع لعلاج الرهاب، أو القلق الاجتماعي لأنه يساعد الفرد على إعادة بناء خريطته المعرفية الذاتية، وتغير الأفكار السلبية الهدامة، والعمل على إعادة ثقته بقدراته وإمكاناته الإيجابية، وفي أي مرحلة عمرية يمكننا البدء بالعلاج النفسي طفولة كانت أم رشداً أو مراهقة..
ومن وجهة نظري كاختصاصية بالصحة النفسية أوضح أنه لا أحد يختار أن يعاني من أعراض اضطراب الرهاب الاجتماعي المنفرة، ولا أحد يقرر الإصابة بأي اضطراب نفسي، لذلك أتمنى لو يرفع الناس عتبة المشاركة الوجدانية لديهم، ويعذرون بعضهم على أعراضهم غير المرغوب بها، ويتحلون باللباقة الانفعالية والصبر النفسي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار