منذ قمة الرئيسين فلاديمير بوتين، وجو بايدن، في جنيف حزيران الماضي وتأكيد الجانبين على ضرورة تحسين العلاقات الثنائية لما فيه مصلحة ثنائية وعالمية وعلاقات البلدين لا تمضي في الطريق الصحيح..
في تلك القمة تم تشخيص الخلافات وطرق حلها، وتفاءل العالم أن البلدين سوف ينحوان باتجاه تقليص الخلافات، لا زيادتها، لا بل تفاءل العالم أكثر حينما تعهد الرئيس الأمريكي باستعداده للتعاون مع موسكو.
لكن على أرض الواقع لم يتم ترجمة هذا التعهد، وبانتهاء القمة عادت واشنطن إلى سياستها القديمة القائمة على التوتير والمضي في الحروب الدبلوماسية والعقوبات.
رد موسكو جاء واضحاً على هذه السياسات، حيث دعت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الولايات المتحدة إلى اتخاذ خطوات عملية محددة لتطبيع العلاقات الثنائية مع روسيا. وقالت إذا كان الأمريكيون يريدون المضي قدماً إلى أي مستقبل طبيعي للعلاقات الثنائية فيجب أن يتخذوا بعض الخطوات العملية لتحرير الوضع الذي قادوه بأنفسهم إلى طريق مسدود.
لقد تواصل التصعيد الأمريكي ضد روسيا، بشكل أشد وطأة مما كان متوقعاً، إذ فتحت إدارة بايدن نيرانها على موسكو، والسبب وراء ذلك فضلاً عن موضوعات ثنائية عالقة، ملفات دولية وإقليمية حيث تبدو الساحة الدولية بفعل السياسات التي تنتهجها الولايات المتحدة إزاء الصين وروسيا، أكثر جاهزية للعودة إلى مناخات الحرب الباردة.
ما يحدث بين أمريكا وروسيا تعبير عميق للصورة السياسية المستقبلية التي يمكن أن يكون عليها العالم خلال السنوات القادمة، والتي يمكن اعتبارها امتداداً طبيعياً لاهتزازات الصورة الأمريكية، أقله منذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ومحاولات واشنطن للإبقاء على المنطقة متقدة.
والحال أن واشنطن بمثل هذه السياسات تقوض العلاقات مع موسكو، وتواصل السير بشكل أعمى على هذا المسار الذي ثبت أنه لا يؤدي سوى إلى التوتير، لا بل إن واشنطن لا تفكر في العواقب.
والغريب أن يأتي هذا بدل التركيز على التهديدات والمشاكل الحقيقية للأمن والسلام العالميين.
خلاصة الكلام ليس سراً أن العلاقات الروسية مع الولايات المتحدة تمر بفترة صعبة وتراكمت مشكلات كبيرة والتي من دون حلها يستحيل وقف الانزلاق نحو هاوية أزمات أكبر، لاسيما أن المواقف الثنائية حيال حل القضايا الدولية متباعدة، إضافة إلى اتباع الولايات سياسة الهيمنة والتدخل في شؤون الدول الأخرى وعدم الالتزام بالقانون الدولي وهو ما تعارضه روسيا بشدة.