الوعد الخبيث ليس ذكرى
مرت بالأمس ذكرى أليمة على شعبنا العربي وأمتنا، ذكرى وعد بلفور المشؤوم .
هذا الوعد– المؤامرة التي حُشد لتنفيذها كل وسائل الدعم الغربي، ليكون هذا الكيان الخبيث، خنجر في قلب الوطن العربي يستنزف مقدراته ويحول دون تحقيق أهداف شعبه.
إن تلك الجريمة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، كانت المفتاح الأساسي لاحتلال فلسطين من العصابات الصهيونية بتسهيل ودعم كاملين من بريطانيا وأمريكا ودول غربية أخرى، مع أن الشعب الفلسطيني منذ الإعلان عن ذلك الوعد في 2 تشرين الثاني لعام 1917، وهو يناضل ضد العصابات الصهيونية، حيث خاض معارك في 1920، وهبة البراق عام 1929، والعصيان المدني عام 1935، والثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، إلى الثورة الفلسطينية المعاصرة، فتاريخه حافل بالنضال التضحيات كي تبقى فلسطين عربية، ولكن الدعم الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية هو السبب الأساسي في بقاء الاحتلال الصهيوني جاثماً على الأرض لفلسطينية.
مناسبة “وعد بلفور” ليست للإنشاء ولا للندب، هي جديرة بالتفكّر في أحوالنا، فمنذ نشأة أو زرع هذه الجمرة الخبيثة كان الهدف الغربي- الإسرائيلي منها إضعاف العرب حتى لا تقوم لهم قائمة في مواجهة “إسرائيل” لذلك راحت الأخيرة تشن الحروب للتوسع وهي مطمئنة إلى سقوف الحماية الغربية، والعجز والتخاذل العربي فبعد النكبة شن العدو حرباً في 56 و67 واجتاح جنوب لبنان 82، وبعد هزيمته المذلة في لبنان عام ٢٠٠٠، عاد بالحرب والعدوان مجدداً على لبنان وغزة أكثر من جولة والهدف من وراء ذلك إبقاء المنطقة مشتعلة..
وفي السياق جاء ما يسمى “الربيع العربي” وهو مخطط غربي- إسرائيلي هدفه استكمال تفتيت وتحييد دول عربية لها ثقل في المنطقة بمواجهة المشروع الصهيوني، وذلك استكمالاً لما بدأ به في عام 2003 باجتياح العراق..
وما نشهده اليوم من ممارسات واعتداءات إسرائيلية على الفلسطينيين والعرب هو محاولات استكمال لتحقيق أهداف وعد بلفور.
لقد حقق العرب انتصارات ثمينة بدءاً من حرب تشرين التحريرية وتحرير جنوب لبنان عام 2000 وانتصار تموز 2006 وصمود غزة وانتصاراتها في جولات العدوان المتكررة وفي جميع هذه الجبهات حقق العرب وفيما بعد المقاومات العربية بقيادة سورية انتصارات أذهلت العدو، الذي تفاجأ بقدرة وتطور هذه المقاومة وإرسائها معادلات جديدة للردع، ما أجبر هذا العدو على إعادة حساباته والعد مطولاً قبل أي اعتداء.
من هذا المنطلق نثق بأن في هذه الأمة طاقات جبارة وهمماً عالية لا يمكن أن تقبل بطمس الحقوق العربية مهما طال الزمن، ديدنها العمل لإبقاء كلمة الحق العربية قوية ساطعة، فالحقوق لا تسقط بسطوة الاحتلال ولا بتقادم الزمن لذلك تعمل هذه الطاقات وتلك الهمم على إسقاط ذلك الوعد، من خلال المقاومة بكل أشكالها المتاحة والمشروعة.
القوى الفلسطينية والعربية تؤكد من جديد على حقها في العمل على إسقاط ذلك الوعد، من خلال الكفاح المسلح وطرد الغزاة الصهاينة وتحرير الأرض وعودة أبناء الشعب الفلسطيني إلى ديارهم، ذلك هو الهدف الرئيس للمقاومة التي لا يمكن التنازل عنها، وهي التي سوف تعيد الحق التاريخي للشعب الفلسطيني، وليست المفاوضات العبثية، فالمقاومة هي الوسيلة الأساسية ومطلب الشعب الفلسطيني هو الالتفاف حول محور المقاومة الممتد من طهران إلى دمشق إلى حزب الله إلى اليمن فهو الداعم الرئيس للقضية الفلسطينية.
باختصار ولكي نعيد المؤكد نقول إن وعد بلفور يمثل جريمة إنسانية مستمرة بحق الشعب الفلسطيني وعليه فمقاومة ما نتج عن هذا الوعد وإسقاطه يتطلب من كافة أبناء الشعب الفلسطيني خاصة والعربي عامة العمل الجاد على رص الصفوف وفق إستراتيجية شاملة تقوم على الكفاح المسلح، فالمرحلة الراهنة التي تمر بها القضية الفلسطينية من مخاطر تعرضها للتصفية تتطلب من القوى الفلسطينية العمل على إنتاج برنامج وطني يحقق لشعبنا الفلسطيني النصر والتحرير..
إن البعض من النظام الرسمي العربي اللاهث خلف التطبيع والعلاقات مع كيان الاحتلال يحاول جاهداً الالتفاف على القضية الفلسطينية من خلال تسريب أفكار مسمومة من أجل إنهاء الصراع مع العدو الصهيوني.
لذلك فان التفاف القوى الوطنية الفلسطينية حول محور المقاومة هو أولوية فلسطينية من أجل استمرار المعركة لتحقيق أهداف شعبنا في العودة والتحرير.