عاد رئيس النظام التركي رجب أردوغان، بشكل مفاجئ من العاصمة الايطالية روما، إلى بلاده، بعد مشاركته في قمة العشرين، وكان من المقرر أن يشارك في أعمال قمة المناخ في غلاسكو باسكتلندا.
الأسئلة التي رافقت هذه العودة المفاجئة كثيرة حسب المراقبين، والذين تابعوا أيضاً ما خرج به لقاء أردوغان– بايدن، حيث يتوقع المراقبون أن يكون أردوغان مريضاً أو لم يحضر قمة المناخ لأمر يتطلب وجوده في تركيا، فيما اعتبر آخرون أن نتيجة لقائه السلبية مع الرئيس الأمريكي لم تشجعه على حضور القمة الأخرى، ويذهب أنصار وجهة النظر هذه في الاتجاه نفسه ويقولون إن الأمر اكبر من ذلك، ربما سمع أردوغان تحذيرات شديدة اللهجة من بادين بخصوص الملفات الخلافية العديدة بين الطرفين.
لكن وكالة أنباء الأناضول المملوكة للدولة التركية قالت: “إن الرئيس عاد إلى تركيا في ساعة مبكرة من صباح الإثنين بدلاً من السفر لحضور مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في كلاسكو، ولم تذكر الرئاسة التركية سبباً لعودة أردوغان المفاجئة، ولكن مسؤولاً تركياً قال شريطة عدم نشر اسمه: إن هناك مشكلات بروتوكولية بشأن حضور الرئيس المزمع للاجتماع.
وأياً تكن الأسباب وراء هذا التصرف فإنه بالمحصلة ثمة تطور حصل وحال دون مشاركة أردوغان.
وبالعودة إلى قمة أردوغان– بايدن، فقد أعلن البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكي أعرب خلالها عن مخاوف الولايات المتحدة بشأن امتلاك تركيا لنظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400.. كذلك أعرب بايدن عن قلقه إزاء المؤسسات الديمقراطية وكذلك حقوق الإنسان وسيادة القانون.
بمعنى لا اتفاق بشأن مقاتلات إف ٣٥ أو إس ٤٠٠، ولا ضوء أخضر أمريكياً لاجتياح تركي لشمال شرق سورية، مع كلام قاس من بايدن لأردوغان بشأن ملف حقوق الإنسان، بالمقابل فإن التعهد الوحيد الذي خرج به لقاء بايدن- أردوغان جاء في الإطار العام وهو، العمل لتحسين العلاقات.
إبراهيم قالين، المتحدث باسم الرئاسة التركية، استبق القمة الأمريكية– التركية بوضع ثلاث أولويات لبلاده، لخّصها في إعادة بلاده إلى برنامج الطائرات المقاتلة الأمريكية “إف-35″، ووقف الدعم الأمريكي لـميليشيا “قسد” المرتبطة بالاحتلال الأمريكي، والتجاوب مع مطلب تركيا بتسليم قادة جماعة “الخدمة” المقيمين في الولايات المتحدة، وعلى رأسهم زعيمها فتح الله غولن.
مَن يقرأ هذه الأولويات التركية لا بد أن يجد أفقاً مسدوداً للعلاقات التركية- الأمريكية، فواشنطن سبق أن أعلنت مراراً أن لا عودة تركية إلى برنامج الطائرات المقاتلة “إف-35” ما دامت تركيا تتمسك بالاستمرار في اقتناء المنظومة الدفاعية الصاروخية الروسية “إس-400″، كما قالت مراراً إنه لا تغيير في قضية “غولن” على اعتبار أنها قضية قضائية قانونية وليست سياسية، كذلك لا تغيير في قضية الدعم الأمريكي لميليشيات “قسد”.
صعوبة لقاء “بايدن” بالرئيس التركي لا تنبع من كثرة الملفات الخلافية بين البلدين، أو من السلبية في العلاقة الشخصية بين الرجلين، بل من التناقضات الإستراتيجية، التي بدأت تتعمق بينهما، وتشظي هذه العلاقة يوماً بعد آخر، فواشنطن أولويتها المنافسة التجارية مع الصين، والحرب الباردة الجارية بينها وبين كل من الصين وروسيا، ولم تعد ترى في تركيا تلك الحليفة المنخرطة في أجندة الحلف الأطلسي وسياساته، بل اللاعب المشاغب على ضفاف خططها.