التفتيش و «الليس»
تصدر كل يوم أخبار عديدة عن ضبط مخالفات جسيمة بحق معنيين بتوزيع وتأمين المواد المدعومة على اختلافها مستخدمين في ذلك كل أنواع الحيل لسرقة المال العام وزيادة معاناة المواطنين وإضعاف حالتهم المعنوية بشكل يؤدي إلى عدم اقتناعهم بأي قرارات أو خطط حكومية يعلن عنها بهدف تحسين الواقع المعيشي…
فخلال الأسابيع الماضية أعلنت الجهات الرقابية عن ضبط عدد كبير من محطات البنزين تتلاعب بعدادات البنزين من أجل سرقته وبيعه في السوق السوداء، وكذلك مراكز توزيع المازوت المدعوم حيث تم الكشف عن سرقة عشرات آلاف الليترات وبيعها في السوق السوداء في عدد من الكازيات وصهاريج توزيع المازوت، و بالأمس تم اكتشاف سرقة الغاز المنزلي في محطة عدرا، وغيرها الكثير من الحالات…
ويضاف إليها التلاعب بالمواد الغذائية المدعومة الموزعة على البطاقة الذكية، وأولها الخبز من خلال إنقاص وزن ربطة الخبز، والتخاذل من قبل المؤسسة السورية للتجارة في تأمين الاحتياجات من مادتي الرز والسكر اللازمة من أجل التوزيع على البطاقة الذكية قبل عدة أشهر وقيام المسؤولين عن الموضوع بـ«استثمار» جزء كبير من عشرات المليارات من السلف التي خصصتها الحكومة وشراء أدوات كهربائية بدلاً من تأمين المواد الغذائية، لتحقيق مكاسب شخصية .
إن استشراء الفساد في هذا المجال له أسباب ودلالات كثيرة، يمكن القول إن أهمها وجود الثغرات في تشريعاتنا وآليات عملنا تسمح لكل من يرغب في الفساد أن يستغلها ويحقق منها الثروات الطائلة، وكذلك عجز أجهزتنا الرقابية من داخل المؤسسات وخارجها عن كشف الفساد واستغلال ونهب المال العام عند وقوعه والاكتفاء بالرقابة اللاحقة، وانتظار قدوم المعلومات من أشخاص متضررين أو غير مستفيدين من عمليات الفساد حتى تتحرك عمليات التحقيق، وعندها يكون «من ضرب ضرب».
لهذا فعلينا كمؤسسات حكومية إعادة صياغة قوانيننا واستغلال التطورات التكنولوجية بما يضمن الحد من الثغرات ومكامن الفساد، وإجراء مراجعة شاملة لنظمنا وأجهزتنا الرقابية بما يضمن فعاليتها ونزاهتها في عملها، لا أن تكتشف بعد أشهر طويلة أن المليارات المخصصة لشراء المواد الغذائية صرفت «إثماً» على شراء الأفران و”الليس”!؟.