أي مخاوف؟
عادت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى حديث الاستيطان الإسرائيلي، من دون جديد يذكر، فهي لا تزال “قلقة” منه و”تحتج “على استمراره، لكنها لا تطالب الكيان الإسرائيلي بوقفه.
مع ذلك بدت العودة الأميركية إلى حديث الاستيطان غير متوقعة في خضم التطورات الدولية التي تجد الولايات المتحدة نفسها في خضمها، وهي بمجملها تثير موجات قلق تمتد بلا نهاية بالنسبة للمسؤولين الأميركيين، حتى لا يكاد أي منهم يجد متسعاً من الوقت ليتذكر الاستيطان، الذي هو بالأساس ليس قضية أميركية إلا وفق ما تريده “إسرائيل”، ولم يثر في أي وقت أزمة من نوع ما بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”، لذلك كانت الولايات المتحدة في كل أحاديثها حول الاستيطان مثل «مُسيلمة الكذاب» بل أشد كذباً.
العودة الأميركية إلى حديث الاستيطان جاءت بعد اتصال هاتفي، قيل إنه متوتر وصعب، بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، وهو الاتصال الذي أعربت فيه واشنطن على لسان بلينكن عن “قلقها من الاستيطان ومخاوفها” من أن يؤثر سلباً على ما سمته «عملية السلام» وعليه فهي احتجت على إعلان “إسرائيل” قبل أيام عن مناقصات جديدة لبناء مئات الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية.
ما سبق ليس هو الحدث أو الخبر، بل هو في قول “إسرائيل” على لسان غانتس إنه «يتفهم مخاوف إدارة بايدن».. مخاوفها من ماذا.. من الاستيطان؟.. لا نعتقد ذلك، ولا يمكن لأحد أن يعتقد ذلك، فهذا الاستيطان كان دائماً برعاية أميركية، ودائماً ما اعتبرته الولايات المتحدة أقوى ركائز الكيان الإسرائيلي، فالأرض هي كل شيء، وفي كل مرة كان هذا الكيان يستولي على جزء من الأرضي الفلسطينية ، كان يغير في وقائع التاريخ والجغرافيا والسياسة ويقدمها للمجتمع الدولي كأرض إسرائيلية، فما الذي تغير اليوم ليصبح لدى الولايات المتحدة مخاوف من الاستيطان؟
لم يتغير شيء.. الولايات المتحدة ما زالت على دعمها للاستيطان وللكيان الإسرائيلي وإلى أبعد الحدود، وستبقى كذلك، ولكن ربما هناك شيء ما تغير على مستوى المجتمع الدولي، أي على مستوى التطورات الدولية التي لا بد وأن تحمل تغييراً ما -وهو تغيير إيجابي كما يبدو- على مستوى القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وقد يكون هذا ما دفع إدارة بايدن للعودة إلى حديث الاستيطان.. كل شيء وارد، لننتظر ونر.