«يوم الأمم المتحدة».. دول كبرى تواصل انتهاك الميثاق خدمة لأجنداتها
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بيوم الأمم المتحدة الحدث السنوي لبدء نفاذ ميثاقها في عام 1945 ومبادئها المتعلقة بحل النزاعات بين الدول سياسيا فإن المنظمة الدولية تواجه تحديات تحول دون تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها وفي مقدمتها مواصلة بعض الدول الغربية انتهاك الميثاق واستهداف الدول التي لا تسير في فلكها لتنفيذ أجنداتها السياسية.
ففي الـ 31 من تشرين الأول عام 1947 أقرت الجمعية العامة بأن يكون الـ 24 من تشرين الأول من كل عام يوم الأمم المتحدة وهو اليوم الذي دخل فيه ميثاق المنظمة الدولية حيز التنفيذ في عام 1945 ثم أوصت الجمعية في عام 1971 الدول الأعضاء بالاحتفال به على المستوى الوطني بهدف كسب دعم الشعوب وتعريفها بأهداف المنظمة التي حددتها المادة الأولى من الميثاق بحفظ السلم والأمن الدولي وإنماء العلاقات الودية بين الأمم وتحقيق التعاون الدولي إضافة إلى التعريف بمبادئ المنظمة التي بينتها المادة الثانية من الميثاق وهي المساواة في السيادة بين جميع أعضائها وحسن النية بالالتزامات التي أخذوها على أنفسهم بموجب الميثاق وامتناعهم في علاقاتهم الدولية عن التهديد بالقوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
سورية العضو المؤسس في الأمم المتحدة شاركت في وضع الميثاق بوفد برئاسة السفيرين فارس الخوري وفريد زين الدين اللذين وضعا المادة 78 من الميثاق والتي تنص على أنه لا يطبق نظام الوصاية على الأقاليم التي أصبحت أعضاء في هيئة الأمم المتحدة إذ إن العلاقات بين أعضاء هذه الهيئة يجب أن تقوم على احترام مبدأ المساواة في السيادة وساهمت هذه المادة في حصول الكثير من الدول على استقلالها ورفع عدد دول الأمم المتحدة من 51 إلى 193 دولة.
سورية و17 دولة أسسوا مجموعة «أصدقاء الدفاع عن الميثاق» التي اعتمدت في اجتماعها الأول على مستوى وزراء الخارجية إعلاناً سياسياً أكدوا فيه أن الميثاق لا يزال الوثيقة الأسمى على المستوى الدولي التي يجب التمسك بها والدفاع عنها وخاصة في ظل ما يتعرض له من انتهاكات واستغلال من قبل بعض الدول لأحكامه وتصميمهم على الاستمرار في العمل لضمان الالتزام بأحكام الميثاق وخاصة في ظل ما تشهده العلاقات الدولية الراهنة من انتهاكات صارخة للميثاق والقانون الدولي مشيرين إلى التحديات التي تواجه العديد من الدول الأعضاء وفي مقدمتها اتساع خطر الإرهاب المدعوم من دول أعضاء في الأمم المتحدة والإجراءات القسرية أحادية الجانب ومحاولات التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول.
الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس دعا في رسالة بمناسبة يوم الأمم المتحدة دول العالم إلى السعي من أجل وضع حد للنزاعات التي تزيد التوتر في عالمنا موضحاً أن «جائحة كوفيد 19» والنزاعات والجوع والفقر والطوارئ المناخية تذكرنا بأن عالمنا أبعد ما يكون عن الكمال لكنها توضح أيضاً أن التضامن هو السبيل الوحيد للمضي قدماً.
وأضاف غوتيريش علينا أن نتجمع لمواجهة التحديات الكبرى والنهوض بأهداف التنمية المستدامة من خلال ضمان حصول كل شخص في كل مكان على لقاحات كوفيد 19 ومن خلال تأمين حقوق وكرامة جميع الناس والتمسك بها وخاصة أفقر الناس وأكثرهم حرماناً ومن خلال السعي إلى وضع حد للنزاعات التي تمزق عالمنا والتعهد بالتزامات مناخية جريئة لإنقاذ كوكبنا والارتقاء إلى مستوياتها وبناء حوكمة عالمية تتسم بقدر أكبر من الشمول والترابط والفعالية.
وشدد على أن القيم التي ظلت هي القوة المحركة لميثاق الأمم المتحدة على مدى الأعوام الستة والسبعين الماضية أي السلام والتنمية وحقوق الإنسان وإتاحة الفرص للجميع ليس لها تاريخ تنتهي فيه صلاحيتها وقال: إننا إذ نحتفل بيوم الأمم المتحدة فعلينا أن نتحد خلف هذه المثل العليا ونفي بوعد الأمم المتحدة وإمكاناتها وآمالها كافة.
روسيا أكدت أن الهجمات المستمرة على ميثاق الأمم المتحدة ومحاولات استبدال هيكلها المركزي بما يسمى النظام القائم على القواعد ذا المعايير المزدوجة هدامة وخطيرة داعية إلى الالتزام بمبادئ الميثاق والقانون الدولي نظرا للمخاطر التي يواجهها العالم حاليا نتيجة الانحراف عن هذه المبادئ.
وقال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا في بيان: بالمناسبة إن الآباء المؤسسين للأمم المتحدة وضعوا في ميثاقها الأهداف والمبادئ الأساسية للتفاعل بين الدول والالتزام بها هو الطريق الوحيد أمام البشرية للتقدم نحو بناء عالم أكثر عدلاً وازدهاراً وأماناً ومنع نشوب حروب عالمية جديدة مشيراً إلى أن هناك محاولات متزايدة اليوم لمراجعة أحكام القانون الدولي المنصوص عليها في الميثاق والترويج لما يسمى النظام القائم على القواعد ومهمتنا المشتركة هي الدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة والتأكيد على التزامنا الكامل بالدور المركزي والتنسيقي للأمم المتحدة في الشؤون الدولية وقواعدنا هي ميثاق الأمم المتحدة.
الصين أكدت بدورها دعمها النظام الدولي المتمحور حول الأمم المتحدة وتعهدت بتقديم مساهمات أكبر للنهوض بالقضية النبيلة للأمم المتحدة وأنها ستواصل لعب دورها في بناء السلام العالمي والمساهمة في التنمية العالمية والدفاع عن النظام الدولي والعمل بثبات لدفع سيادة القانون الدولي ودعم الأمم المتحدة بشكل كامل في لعب دور مركزي في الشؤون الدولية ودعم التعددية وتعزيز التنمية العالمية.
من جانبه شدد الاتحاد الأوروبي في بيان للممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية جوزيب بوريل على أن التعددية التي ترتكز عليها الأمم المتحدة هي السبيل الأكثر فعالية للإسهام في السلام والأمن وحقوق الإنسان والرخاء في العالم مؤكداً ضرورة الاستجابة المشتركة للأزمات والتهديدات والتحديات العالمية التي لا يمكن لأي بلد بمفرده أن يتصدى لها والتي تتنوع بين تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتصدي لجائحة كورونا.
ومع الأحداث المتسارعة التي يعيشها العالم نتيجة اتساع بؤر التوتر وانتشار الإرهاب والنزاعات والفقر والأوبئة والتغير المناخي تبقى الأمم المتحدة المكان الأفضل لحل الخلافات وتمتين العلاقات الدولية على الرغم من الكثير من المآخذ والملاحظات على عملها جراء ممارسات الدول الغربية ويبقى الأمل أن تواصل المنظمة الدولية العمل لتحقيق عالم أفضل يتحقق فيه السلم والأمن بوصفه الهدف الرئيس الذي تتفرع منه كل الأهداف والمبادئ.