لطالما كانت السياسة السورية تقوم على ثوابت لا محيد عنها، في ظل المتغيرات الدولية، والأزمات التي تعصف بالعالم بشكل عام وبمنطقتنا على وجه الخصوص.
وفي مقدمة هذه الثوابت تحديد العدو الأساسي للعرب، وتأكيد التضامن العربي سبيلاً في مواجهة كل ما نتعرض له.
وإذا انطلق العرب من هذين المعطيين، فإنه بلا شك تجري مقاربة جميع المشكلات بشكل دقيق، ويمكن التعامل معها وتجاوزها.. والحال يحق لنا أن نتساءل: هل كان يمكن للقوى الغربية والإقليمية المعادية للعرب، التجرؤ على الاعتداء على الحقوق العربية، لو كان العرب في حالة من التضامن والتمسك بالحقوق العربية الوطنية والقومية..؟
ومن فحوى السؤال أيضاً هل كان بمقدور النظام التركي، مواصلة العدوان على سورية، إذا ما اتخذ العرب جميعاً مواقف حاسمة وصلبة ضد هذا النظام؟.
الجواب يحمل مرارة وخيبة أمل بآن معاً، وهذا مرده إلى عقد مضى من الزمن، حيث بدا النظام العربي مترنحاً، وكانت شيخوخة جامعة الدول العربية، وعجزها عن تنفيذ التزاماتها، لا بل لم يتوقف الأمر عند العجز، بل ذهبت الجامعة عينها، في اتجاهات تتناقض مع أهدافها، وباتت أسيرة أجندات إقليمية تعرض الأمن القومي العربي للخطر.
في ظل انعدام الوزن العربي الراهن، تكالبت القوى الإقليمية والدولية على العرب، وبرزت النزعات الإثنية والطائفية والانفصالية، وليس على المرء سوى أن يمعن النظر في الخريطة السياسية للوطن العربي، ليتأكد من ذلك، من العراق مروراً بالسودان، وصولاً إلى ما يجري في الأقطار العربية الأخرى كسورية واليمن وليبيا وما يحصل بين أقطار المغرب العربي وفوق هذا كله “الربيع العربي” المشؤوم، الذي أحال واقع العرب إلى جحيم.
هذا المشهد القبيح، وشبه الشامل، قد شجع من دون أدنى شك نزعات التوسع والعدوان، على حساب الحقوق العربية، حيث مضى العدو الإسرائيلي، المستفيد الأكبر من الوضع العربي الراهن، في اعتداءاته على الحقوق العربية، والغريب أن بعض العرب ورغم كل هذا الوضوح في الأهداف والمرامي الإسرائيلية، راح باتجاه التطبيع المجاني، ما شجع هذا العدو وحلفاءه على المضي في عربداتهم.
وبالمثل، غزت تركيا وأمريكا أراضي سورية واحتلتا أراضي في الشمال والشمال الشرقي من سورية، بتمويل ودعم من بعض الأشقاء للأسف الشديد..
إن العدو الأساسي للعرب جميعهم كان ولا زال هو العدو الإسرائيلي، وحينما ينطلق العرب من هذه الحقيقة التي لا تحتاج إلى أي برهان يمكن القول إن العرب بدؤوا بتلمس الطريق الصحيح وهذا ما أكده مؤخراً وزير الخارجية الدكتور فيصل المقداد, الذي شدد على أهمية التركيز على مواجهة هذا العدو وتأكيد أن التضامن العربي الإسلامي هو طريق صحيح لمواجهة التحديات التي تعترضنا جميعاً.