عندما يتحدث الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس النظام التركي رجب أردوغان في ختام قمة جمعتهما مؤخراً في سوتشي، عن وباء كورونا، فلا شك أن للأمر دلالة كبيرة قد تقرأ بطريقتين.
الأولى وفيها يرى أصحاب وجهة النظر هذه، أن الخلافات كبيرة ولا اتفاق بين الجانبين، فيما يرى أنصار وجهة نظر أخرى أن ثمة ما تم الاتفاق عليه خلال الجلسة المغلقة، وتالياً فإن الرئيسين لم يشاءا أن يعلنا شيئاً للإعلام.
ويبدو أن أنصار الرأي الأخير قد قرؤوا جيداً تعابير الوجوه وانعكاس القمة في التصريحات التي صدرت عن أردوغان، فما إن غادر الأخير سوتشي، حتى انتقد واشنطن، ولم يكتف أردوغان بمطالبة الولايات المتحدة بالخروج من سورية، وإنما أطلق على أحد مساعدي بايدن الرئيسيين اسم “مخرج الإرهابيين”. وفي الدلالة بالشأن نفسه وفور اجتماع بوتين- أردوغان، بدأت الوحدات التركية في الانسحاب من مناطق في إدلب.
لا بل يذهب أنصار هذا الرأي أكثر في التدليل على واقعية قراءتهم بالقول: “هذا يفسر حقيقة عدم الإعلان عن أي قرارات مهمة عقب الاجتماع” ويرى أصحاب الرأي ذاته أن قمة سوتشي كانت مهمة في المقام الأول، بالنسبة للجانب التركي، فأردوغان الذي يعاني داخلياً بسبب سياسات “العدالة والتنمية” بحاجة إلى وقوف موسكو معه.
وسبب تحول أردوغان نحو موسكو هو سلوك ساكن البيت الأبيض، جو بايدن، الذي يتجاهل عملياً أردوغان.
لكن، أياً كان موقف موسكو وطموح أردوغان أن يشكل التقارب معها طوق نجاة له، فإن الانتقاد في الداخل التركي يتزايد لأردوغان وسياساته بسبب هشاشة النظام المالي، كما يدين كثير من الأتراك سلطات بلادهم لتوريط البلاد في عدة حروب في وقت واحد: في سورية وليبيا والعراق وعلى هذه الخلفية، يحتاج أردوغان إلى استعراض “النجاح” في سياسته الخارجية.
ولكن وبصرف النظر عن وجهتي النظر السابقتين، يبقى من المفيد تأكيد حقيقة وهي أن أردوغان بارع في سياسة اللعب على التناقضات الدولية، وقد بان ذلك غير مرة بخصوص العلاقة بين أنقرة من جهة وكل من موسكو وواشنطن من جهة أخرى، وعليه فإن سياسة اللعب على التناقضات الدولية باتت مكشوفة وخطرة وقد تكلف صاحبها الكثير، إنها مثل لعبة الفأر تحت أقدام الفيلة.. والأيام المقبلة إلى نهاية هذا الشهر حيث تعقد قمة العشرين قد تحمل الكثير، وقد أغرى بايدن أردوغان بلقاء على هامش القمة وعندها سوف نرى..