التشابه المُفرط ..!

ثمة سؤالٌ مشروع، وقد يكون طُرح عبر مسيرة الثقافة أكثر من مرة، ولاسيما خلال تكوّن أو تشكّل نوع إبداعي جديد، أو قل هو ليس جديداً كل الجدة، وإنما هو تفرّع عن نوعٍ قديم، تماماً كما غصنٍ جديد انبثق عن شجرة عتيقة.. بما يُشكل انعطافة في مسيرة هذا النوع الإبداعي، أحياناً قد تطغى على النوع القديم حتى تُهمشه، وقد تضع له نهاية في بعض الأحيان..
وكما ذكرت، ليس من نوع إبداعي يأتي جديداً كل الجدة، فإن كان من الثقافة المحلية، بمعنى ليس مُقاربة لإبداع أجنبي، فإننا سنجد له عشرات الإرهاصات في ثقافتنا السورية، وحتى العربية، بل إنّ كثيراً مما قد نظنه أجنبياً خالصاً؛ سنجد له مُقابلاً في الثقافة العربية..
مناسبة هذا الحديث؛ تلك الإبداعات التي تتوهج اليوم في المشهد الثقافي على طول الساحة العربية.. ولاسيما في ظاهرة توهج النصوص القصيرة، التي اتخذت الكثير من التسميات في التجنيس والتصنيف، وإن كانت جميعها، وعلى تعددها تدخل ضمن إطار «الأدب الوجيز».
والسؤال المشروع اليوم: هل يستطيع الكاتب أن يُبدع في مجال القصة القصيرة جداً؛ إذا كان لم يُجرّب سابقاً كتابة القصة القصيرة المُتعارف عليها.. هذا في مجال السرد، أما في مجال الشعر؛ هل يستطيع الشاعر أن يكتب الومضة، أو الشذرة، والتوقيعة، ومؤخراً الهايكو والهايبون والتانغا إن لم يستطع كتابة القصيدة بأشكالها السابقة التي أنتجت مثل هذه الأشكال الشعرية؟؟؟
ربما قد يكون طُرحت مثل هذه الأسئلة منذ ما يُقارب المئة سنة، ولاسيما في انعطافة القصيدة العربية التقليدية، وأقصد بها الموزونة العمودية ذات القافية خلال انعطافتها صوب قصيدة التفعيلة أولاً، ومن ثمّ استقرارها إلى حدٍّ كبير في شكل قصيدة النثر، أو الشعر الحر.. بمعنى هل يستطيع الشاعر أن يكتب قصيدة النثر إن لم يكون سبق له وكتب قصيدة الموزون المُقفى؟؟ وأظن أنه تتمّ الإجابة عن مثل هذا السؤال حينها، فشاعر قصيدة النثر إن لم يكن قد كتب العمودية سابقاً؛ فهو على الأقل تذوقها بما يكفي وعرف أنها استنفدت كل جمالياتها، ومن ثم لم يعد أمامها غير هذه الانعطافة..
في الانعطافة الجديدة اليوم في الشعر الحر والقصة؛ فكلا الإبداعين لم يستنفدا جمالياتهما بعد، وما كتب من خلالهما يؤكد أن الكثير من هذه الجماليات لم تصبح قديمة تماماً.. وربما شاعر أو قاص اليوم يكتب الأنواع الجديدة من دون أن يكون قد سبق له الكتابة فيما سبق من أنواع قديمة، لكن الإجابة تقول إنه لن يستمر طويلاً.. قد ينجح في بعض النصوص، لكنه سيجد نفسه بعد قليلٍ من الوقت قد بات يُكرر نفسه، وإلا ما سرّ هذا التشابه المُفرط في كل ما يُقال ويكتب اليوم من الأنواع الوجيزة، وكأنها لكاتب واحد، أو من ذات المُحترف، أو المشغل عينه؟؟؟
وللحديث بقية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
سورية تدين اتهام الاحتلال لـ«أونروا» بالإرهاب وتؤكد أنه يأتي ضمن محاولاته لإنهاء دورها وافق على تأمين 5 آلاف طن من بذار البطاطا.. مجلس الوزراء يعتمد الإطار الوطني الناظم لتبسيط إجراءات الخدمات العامة 1092طالباً بالثانوية العامة استفادوا من طلبات الاعتراض على نتائجهم قيمتها ١٥٠ مليون ليرة.. أين ذهبت مولدة كهرباء بلدة «كفربهم».. ولماذا وضعت طي الكتمان رغم تحويل ملفها إلى الرقابة الداخلية؟ الديمقراطيون الأميركيون يسابقون الزمن لتجنب الفوضى.. الطريق لايزال وعراً وهاريس أفضل الحلول المُرّة.. كل السيناريوهات واردة ودعم «إسرائيل» الثابت الوحيد هل هي مصادفة أم أعمال مخطط لها بدقة «عائلة سيمبسون».. توقع مثير للجدل بشأن مستقبل هاريس تطوير روبوتات لإيصال الأدوية عبر التسلل إلى دفاعات الجسم المكتبة الأهلية في قرية الجروية.. منارة ثقافية في ريف طرطوس بمبادرة أهلية الأسئلة تدور.. بين الدعم السلعي والدعم النقدي هل تفقد زراعة القمح الإستراتيجية مكانتها؟ نقص «اليود» في الجسم ينطوي على مخاطر كبيرة