تفشي إيديولوجية الكراهية
يقف العالم على مفارق خطيرة تنبئ بصعود خطاب الكراهية أكثر مما هو عليه، من خلال ممارسات ترهيبية لا تستثني أحداً، لا الهدف الموجه له ولا من يدعمه ويغذيه، من أجل خلق جيل من حرب الوكالة لا يضبط أطرافها القانون الدولي ولا تحمل الأصيل تكاليف الهزيمة.
بعض النخب الغربية ترى في دعم الفاشية والإرهاب مخرجاً من عجز التكيف مع عالم متعدد الأقطاب خاضع لقوانين دولية هي من وضع أغلبها بعد النصر المشترك بين الغرب والشرق على النازية، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال خلال الذكرى 76 للنصر في الحرب العالمية الثانية: “إن الإيديولوجية النازية تحاول مرة أخرى أن تجد لنفسها مكاناً في العالم”. وبطبيعة الحال لن يتم الأمر إلا بمساعدة الغرب نفسه الذي عانى من النازية.
الغرب الذي يحاول كتابة التاريخ ومسخه لمصلحته يغذي الفاشية من جديد من خلال محاولة محي خطاياها، هذا الغرب قد نسي هجوم النازية وأفعالها في أوروبا، كما لم يعد يذكر الرعب الذي عم القارة العجوز من الصليب المعكوف، واليوم مع هذه الذاكرة المسخة يحاول تزوير التاريخ وطي تضحيات ملايين البشر في سبيل وقف تمدد النازية والفاشية.
هناك من يستثمر في الكراهية من أجل إبقاء هيمنته الأحادية على العالم، ليتحكم بمصائر الشعوب ونهب ثرواتها ورغم كل ما أخذ لم يكتف، بل حدود الجشع لديه لا تقف عند باب، فبقايا النازية تظهر في ممارسات الدول الغربية التي كبلت الأحلام بنظام عالمي جديد بعد النازية يحترم سيادة واستقلال الدول، بسلوكيات تماثل النازية فظاعة.
الإيديولوجية النازية منتشرة في عالم اليوم ومن أدواتها الإرهاب الدولي -الذي ضرب سورية- والعقوبات الاقتصادية ومحاولات الغرب سلب حرية وسيادة الدول، فالإرهاب الدموي الذي أصاب العالم وأراد الغرب استثماره، ارتد عليه ولم يتعلم هذا الغرب، فمصالحه الاقتصادية والسياسية العليا أهم من أمن وسلام شعوبه وشعوب العالم.
الغرب الرأسمالي الذي تستمر بعض نخبه في تسعير نار الكراهية ومحاولاتها الطائشة في ترويض الإرهاب والإيديولوجية، والذي لم يستطع أو لا يريد استيعاب الغير وخصوصية الشعوب، يأخذ العالم إلى الخراب، ولو أصبحت كل دول العالم تسير بنهجه الاقتصادي والاجتماعي، إلا أن الكراهية ستعميه عن ما يفعله من دعم للإرهاب واستعادة أمجاد الفاشية، بنص جديد للتاريخ يبادل بين موقعي الضحية والجلاد.