جريمة حرب جديدة
لا تكاد منطقتنا تتجاوز مرحلة خطرة، إلا وتكون على موعد مع مرحلة أشد خطورة، على دولها وشعوبها، وبرعاية قوى إقليمية -بمساندة دولية- اختارت الإجرام والإرهاب منهجاً وسلوكاً لزرع الفوضى والاضطراب وزعزعة الأمن والاستقرار.
جريمة جديدة يضيفها رئيس النظام التركي رجب أردوغان إلى سجله الإجرامي، أقل ما يمكن وصفها بأنها جريمة حرب، من خلال تخفيض كميات المياه المتدفقة إلى نهر الفرات ما يؤثر على سورية وبالتالي على العراق، وبما يناقض ويخالف كل الاتفاقيات الدولية التي تنظم عملية الاستخدام المشترك لمياه المجاري الدولية المشتركة.
الأمر على خطورته، هو ورقة تركية جديدة، للضغط على الدولة السورية وتثمير هذا الضغط سياسياً، والأدوات تهديد الأمن الغذائي السوري، ولاسيما أن خزان سورية الغذائي موجود على ضفتي الفرات، وتعطيش ما لا يقل عن ثلاثة ملايين شخص يعتمدون على مياه الفرات للشرب في المدن والأرياف المنتشرة على امتداد النهر، أي تعطيش وتجويع، وهو شكل من أشكال الحرب الاقتصادية التي تشن على سورية.
ورقة الضغط هذه تأتي نتيجة حتمية لفشل المشروع الإرهابي الأمريكي- الإسرائيلي- التركي، في النيل من سيادة سورية ووحدتها واستقرارها، ونتيجة للفشل العسكري، لذلك كان لابد بالنسبة لأولئك إلحاق الأذى بالشعب السوري عبر استهدافه والضغط عليه في قوته، بما يؤثر على الدولة السورية، ولاسيما في هذه المرحلة الحساسة التي تعيشها البلاد وهي مقبلة على انتخابات رئاسية، فالغاية الأساس محاولة يائسة لإفشال الاستحقاق الرئاسي بشتى الوسائل.
لا يمكن أن تكون الولايات المتحدة غائبة عن المشهد، إذ إن الخطوة التركية تأتي في إطار حملة أمريكية منظمة ومتناسقة لذات الأسباب والخلفيات السابقة الذكر، ويمكن التدليل على ذلك بالعودة إلى التاريخ عندما اقترحت الـ”سي أي إيه” على مدير عام مؤسسة المياه الوطنية التركية سليمان ديميريل آنذاك في العام 1955- 1956 بناء سدود كبيرة على الفرات لتكون سلاحاً بيد أنقرة ضد سورية.
التسليم بالهزيمة سواء من التركي أو الأمريكي والإسرائيلي، ليست واردة حتى هذه اللحظة، لذلك نحن أمام حروب متجددة تحت عناوين ومسميات متعددة.