تموضع ما بعد الانسحاب
أثبتت التجارب عدم الوثوق بالنيات الأمريكية، من هنا فأي قرارات تصدر عن الولايات المتحدة لا يمكن أخذها والركون إليها لأن القرارات التي تكشف النيات الحقيقية المبيّتة ستصدر تباعاً، فالثابت أن أمريكا لا يمكن أن تكون خارج تفاصيل المشهد الدولي في أي بقعة.
أُثير الكثير من الغبار حول الانسحاب الأمريكي من أفغانستان المقررة بدايته في الأول من أيار المقبل، بالتوازي وافق وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن على إرسال عدد من قاذفات بعيدة المدى من طراز “بي-52” إلى أفغانستان وتعزيز التواجد هناك لـ”أهداف أمنية”، إضافة إلى إرسال قوات برية إضافية لحماية القوات المغادرة، مع احتمالية نشر قوات أمريكية في الدول المجاورة!.
التحركات الأمريكية التي أعقبت قرار الانسحاب مثيرة للشكوك، إذ إن الأمر لا يحتاج لقوات إضافية لحماية القوات المغادرة ولا لقاذفات بعيدة المدى، إلا إذا كانت النيات المبيّتة أن تحل هذه القوات مكان القوات المغادرة بطريقة أو بأخرى، أي إعادة تموضع وهذا الأمر يفرضه ويتطلبه موقع أفغانستان الإستراتيجي المجاور لكل من روسيا والصين وإيران والتي تتخذ منه واشنطن قاعدة متقدمة للتجسس عليهم، وبالتالي لا يمكن التسليم بعدم التواجد الأمريكي في جوارهم، بأي صيغة كانت.
النموذج الأفغاني اليوم، قد يحاكي النموذج العراقي لناحية الانسحاب الأمريكي، فأمريكا بعد انسحابها من العراق عام 2011 حافظت على تواجدها عبر قواعدها العسكرية وقواتها، واتخذت من العراق قاعدة متقدمة لنشر الفوضى والإرهاب في العديد من دول المنطقة ولم يشهد العراق أي نوع من أنواع الأمن والاستقرار إلى يومنا هذا.