استفزاز مردود
لا تميل الولايات المتحدة ومن خلفها الكيان الصهيوني، إلى التهدئة وذلك في مختلف الملفات على الساحة الدولية، حتى وإن حاولت واشنطن إبداء القليل من “المرونة” ففي الخلفيات والتفاصيل يكمن الكيان الصهيوني في مبادلة مكشوفة للأدوار.
استهداف منشأة نطنز النووية الإيرانية والذي بات واضحاً الوقوف الإسرائيلي خلفه، يأتي في سياق المواجهة الإيرانية- الإسرائيلية والأمريكية، وهو جزء من محاولات مستمرة ومتواصلة لـ”النيل” من إيران، إن كان بسبب برامجها النووية والصاروخية، أو بسبب دورها الإقليمي الفاعل والمؤثر
لكل من يقف خلف الاستهداف أو يدعمه وإن بطريقة مواربة له أسبابه، فللكيان الصهيوني وبالتحديد رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو أسباب قائمة على المخاوف من أن تحقق مفاوضات فيينا الأهداف الإيرانية، لذلك وضع العصي بالعجلات هو المطلوب لمنع التفوق الإيراني وبالتالي هذا يصب في خدمته داخلياً.
أما أسباب الولايات المتحدة التي لم تؤيد ولم ترفض الاستهداف، لكنها ضمنياً معه، “فوظيفية” ربما أرادت إثارة الغبار حول ما يجري في فيينا من ثبات إيراني في المواقف من دون تمكن الولايات المتحدة من تحصيل أي مكتسبات أو تنازلات، وربما لأجل ذلك سنكون أمام مماطلات في محادثات فيينا.
بمجمل الأحوال، المقامرة والجولة الجديدة أتت خاسرة وكأن “إسرائيل” سدّدت في مرماها، فالرد الإيراني أتى سريعاً ونووياً أيضاً وهو أكثر ما تخشاه “إسرائيل”، إذ رفعت طهران مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60% بأجهزة طرد مركزي متطورة أي إن الصناعة النووية الإيرانية إلى تقدم وتطور، وإن واجهت بعض العراقيل فهي لن تكون إلا مؤقتة.
إيران ليست وحيدة على الساحة الدولية، فبينما تتزايد محاولات التصعيد ضدها وإفشال تقدمها النووي من محور متحالف يتبادل أدواره كل من الدول الأوروبية والولايات المتحدة ومعهم “إسرائيل”، تتبلور نواة حلف مناهض لأولئك يضم روسيا وإيران والصين، وما زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى طهران ومن قبلها توقيع وثيقة التعاون الإستراتيجي المشترك بين إيران والصين إلا في هذا السياق.
ملامح المرحلة الراهنة باتت واضحة، إيران لن تتنازل عن أي مكتسبات وحقوق، يقابل ذلك بالضرورة فصول جديدة وربما غير مسبوقة من المواجهة من الحلف المعادي لها.