خريطة الطريق الإيرانية
رسمت طهران خريطة طريق العودة إلى الاتفاق النووي أمام إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن, فلا حوار مباشراً أو غير مباشر مع واشنطن حول الاتفاق أو غيره قبل أن ترفع الإدارة الأميركية العقوبات عن طهران، وتعود إلى الاتفاق من دون أي شروط، وألا تضع العقبات أمام المسار الدبلوماسي الذي تركته طهران مفتوحاً بشروطها أمام إدارة بايدن التي صرّحت أنها عرضت التفاوض مع إيران في إطار مجموعة (5+1) بطريقة غير مباشرة في محاولة لتقريب وجهات النظر.
خريطة الطريق التي أعلنت عنها طهران لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بوصفه الوسيط الذي دفعت به إدارة بايدن للتفاوض بشكل غير مباشر مع طهران، جاءت رداً صريحاً على تشدد إدارة بايدن بأنه على إيران أن تعود أولاً للالتزام بالاتفاق النووي, ومن ثم يتم النظر برفع العقوبات.
التشدد الذي رأت فيه طهران مضيعة للوقت باعتبار أن واشنطن ليست في موقع يسمح لها بفرض أي شروط.
رغم التوافُق حول أولوية الدبلوماسية, إلا أن هناك فجوة في المواقف بين الجانبين، ما يجعل الحديث عن بدء هذه المفاوضات بصورة مباشرة أو غير مباشرة, بداية لمرحلة عض الأصابع، والتي كما يبدو، قد تدفع لمزيد من التصعيد داخل واحد من أعقد الملفات بين طهران وواشنطن، خاصة بعد أن أكدت طهران أنها لن توقف إجراءاتها التعويضية قبل أن تعود واشنطن إلى تنفيذ التزاماتها بالاتفاق النووي كطرف منتهك له، ورهن أي لقاءات مع الجانب الأمريكي بتغيير سياسة الضغوط القصوى.
في المقابل، كل ما يرشح عن عودة واشنطن إلى الالتزام بالاتفاق النووي أولاً قبل رفع العقوبات, يشي بأن بايدن مستمر بحملة الضغوط القصوى على إيران التي أسسها سلفه دونالد ترامب، وأن سياسته لا تختلف في مضامينها عن سياسة ترامب، سوى أن ما كان يريده الأخير بالضغط والتصعيد, يريده بايدن من خلال الدبلوماسية الجوفاء التي يروّج لها.
وأمام خريطة الطريق الإيرانية الواضحة المعالم، فإنه إذا تمسكت إدارة بايدن بشروطها للعودة للاتفاق، فإن إيران سترفض وستتجه لخِيارها التاريخي، وهو سياسة المواجهة ومقاومة الضغوط، فعلى مدى أكثر من ٤٠ عاماً تمكنت طهران من مواجهة ضغوط خارجية مختلفة والتغلب عليها، وعليه فإن استمرار إدارة بايدن بنهج الضغط والعقوبات، لن يغير شيئاً في سياسة طهران، ولن يدفعها لتقديم أي تنازلات يشتهيها الخصم الأمريكي.