مآرب انتخابية
أحلام ورديّة يحاول رئيس النظام التركي رجب أردوغان رسمها لشعبه عبر التغييرات الجديدة المنوي إدخالها على الدستور والتعديلات في مجال ما يسمى “حقوق الإنسان”، في مسعى لخطب ودّ المواطنين الأتراك الساخطين اجتماعياً واقتصادياً.
الدستور المدني الذي يسعى أردوغان إليه، ويستخدم لأجله العبارات المنمّقة، ويسوق المبررات لتمريره، إنما هو في حقيقته ترسيخٌ لحكم أردوغان بالقوة وتثبيت النظام الرئاسي وتوسيع صلاحياته الدستورية أكثر.
إن أردوغان يعمد إلى تغيير مزاج الشارع التركي قبل انتخابات عام 2023 بسبب المخاوف المتزايدة من خسارته الانتخابات، فالتعديلات غايتها الأساس هي إقصاء الأحزاب السياسية والتحالفات المعارضة في ظلّ المخاوف من حصولها على الأغلبية في الانتخابات على نحوٍ يمنحها الحق والصلاحية في تشكيل الحكومة، كذلك الخوف من ألا يحظى التحالف الانتخابي بين أردوغان والحركة القومية على الأصوات المطلوبة “50 +1” لاستمرار السيطرة على المشهد.
ربما تكون رهانات أردوغان خاسرةً، فسجل حقوق الإنسان الذي يحاول التغطية عليه بات شديد السواد، وصورة سجناء الرأي الذين يقبعون في السجون سنوات طويلة من دون محاكمات ماثلة للعيان، ناهيك بالاعتقالات اليومية تحت ذرائع مختلفة، حتى المزاعم التي يطلقها عن حرية المعتقد والدين والرأي وعدم حرمان أحد من حقوقه تبدو سورياليةً استناداً إلى ممارسات أردوغان الاستبدادية.
صفحة أردوغان في الداخل التركي سوداء ومشوّهة، لأن محاولته تحقيق طموحاته وأحلامه “العثمانية” في الخارج كانت من أموال وخزينة الشعب التركي، ما أدى إلى التدهور الاقتصادي الحاصل اليوم، والمترافق مع حملات القمع والتضييق على الحريات.
تحدّيات كثيرة تحيط بأردوغان، ليس داخلياً فحسب، بل خارجياً أيضاً، ولاسيما علاقته مع كلّ من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ تخضع هذه العلاقات للتجاذبات الدائمة في الكثير من الملفّات على الساحة الدولية، وكلٌ من واشنطن وأوروبا ليستا على وئام تام مع أردوغان وينتظرون الفرصة للإيقاع به.
باختصار المآرب الانتخابية التي يجّهد أردوغان في سبيلها باتت واضحةً ومكشوفةً، والإجراءات التي يتخذها ما هي إلا وسائل لتحقيق هذه المآرب، فهل تنطلي على الشارع التركي الذي يغلي جراء الأوضاع الداخلية؟.