التطبيع وجذوره من “كامب ديفيد” وأشباهها.. إلى الحلقات الجديدة

الحديث عن التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب ليس جديداً، كما أن التطبيع الساري اليوم على الساحة العربية ما هو إلا استكمال لما كرسته العديد من اتفاقيات التطبيع السابقة مع كيان الاحتلال من “كامب ديفيد” و”وادي عربة” وأسلو وغيرها.

في سياق محاضرة له حول التطبيع عرض محمد قيس الأمين العام للقيادة الفلسطينية لحزب البعث العربي الاشتراكي لجذور عمليات التطبيع عبر الاتفاقيات والاتصالات إلى ما قبل إعلان قيام “إسرائيل” بعقود، مشيراً إلى وثائق منشورة من أرشيف الصهيونية تتحدث عن اتصالات وعلاقات جمعت بين زعماء الصهاينة مع زعامات وشخصيات عربية.

وأوضح قيس أن التطبيع اصطلاحاً هو عملية تبديل حالة ما هو شاذ وغير مألوف أو غير طبيعي حتى يصبح عادياً وطبيعياً ومألوفاً، وأنه الشيء المتوافق مع السجية الإنسانية والفطرة البشرية من عادات وأفعال.

وخلال محاضرته التي جاءت تحت عنوان “جذور التطبيع- معاً لإسقاط مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل”، شرح كيف تم التدّرج التاريخي لتطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني من الرفض المطلق إلى الاعتراف “شبه المطلق”، بدءاً من مرحلة الاتصالات السرية وصولاً لمرحلة المفاوضات المصرية– الإسرائيلية، ثم إلى اتفاقية “كامب ديفيد” وما كان بعدها في اتفاقيتي “أوسلو” و”وادي عربة”، انتقالاً إلى مرحلة ما سميَّ بـ”الربيع العربي”، وبدء مرحلة جديدة من أشكاله، ثم اتفاقيات التطبيع مع عدد من ممالك الخليج والسودان.

وفي سياق السرد التاريخي لجذور التطبيع بين محمد أن قبول كل من مصر والأردن لمشروع “روجرز” عام 1970 الذي كان يعني ضمنياً الاعتراف بـ”إسرائيل” كان بداية التطبيع السياسي غير المباشر بين بعض الدول العربية والعدو وبداية مرحلة جديدة للاتصالات السرية بين دول عربية والكيان الغاصب، مشيراً إلى أن اللقاء المباشر بين ضباط صهاينة ومصريين إبان حرب تشرين التحريرية 1973 كانت أول خطوة تطبيعية سياسية مع الكيان بثوب عسكري وتأسيساً لمؤتمر “جنيف” في العام ذاته الذي حضرته مصر والأردن وقاطعته آنذاك سورية بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد.

وحول المرحلة الجديدة من التطبيع مع العدو الغاصب، يرى المحاضر أن اتفاقيات التطبيع الجديدة مع كيان الاحتلال لم تكن مفاجئة ولا صادمة فهي ليست قفزة في الهواء، بل هي نتيجة علاقات سرية تاريخية غايتها، مصالح بين أنظمة حكم قبلية كل همها البقاء والثروة، وبين الكيان الصهيوني الوظيفي الذي يخدم مصالح الإمبريالية الأمريكية.

وبيَّن أن الحركات الإرهابية التي ضربت المنطقة إنما صُنعت لتخدم الكيان الصهيوني ولتُمهد لتطبيع كان ملجوماً وبحاجة للإفلات من عقاله، فما يسمى “صفقة القرن” من متطلباتها إسكات الأصوات القومية الحرة.

وختم قيس بالإشارة إلى أن السد الرئيس لمواجهة موجات التطبيع المتلاحقة هو ترسيخ ثقافة المقاومة وتعزيزها لدى شعوب منطقتنا العربية، فالمقاومة بكل أشكالها هي الوسيلة الأكثر فعالية والأسرع لمواجهة المحتل ودحره.

يُذكر أن هذه المحاضرة أقامها المركز الثقافي العربي في الميدان بدعوة من قيادة فرع اليرموك لحزب البعث العربي الاشتراكي، وحضرها الدكتور خلف المفتاح مدير مؤسسة القدس الدولية والدكتور صابر فلحوط رئيس اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المحتل، إلى جانب عدد من قادة الفصائل الفلسطينية، وفعاليات سياسية وشعبية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار