مصالح مشبوهة
من المقرر أن يطير “أمير” مشيخة قطر تميم بن حمد اليوم الخميس إلى العاصمة التركية أنقرة ليترأس مع حليفه التركي رجب أردوغان اجتماع الدورة السادسة للجنة الإستراتيجية العليا القطرية– التركية, والتي ستشهد توقيع أكثر من ثماني اتفاقيات جديدة بهدف “توطيد الشراكة الإستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات”, في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها تركيا بسبب زج أردوغان بلاده في العديد من الحروب, والاستمرار بإنتاج الأزمات الواحدة تلو الأخرى, بدعم من حليفه القطري.
ما يروّج له الحليفان من مصطلح “الشراكة الإستراتيجية”, لم يعد يقنع القطريين ولا حتى الأتراك. فالقطريون يرون فيه غطاء لعلاقة غير متكافئة يستخدمها أردوغان في استغلال قطر ونهب ثرواتها, فضلاً عن الاتفاقيات التي يتم توقيعها بين البلدين والتي تعد إقراراً رسمياً ملزماً للدوحة باستمرار الدعم المالي لتركيا, في ظل تورط النظام القطري في الحروب والأزمات التي يخوضها أردوغان، فيما يرى الأتراك أنها علاقة مصالح شخصية بين أردوغان وتميم, فالأخير يرى في تركيا حامياً لنظامه وسط الحصار الذي تفرضه الكثير من دول الخليج على قطر, وفي المقابل فإن أردوغان، الذي يستغل هذا الأمر، يعرف من أين تؤكل الكتف القطرية فكلما ساءت الأوضاع داخلياً في ظل النزيف الحاد لليرة التركية استجدى الدعم القطري, فلم يعد يخفى على أحد ما يواجهه أردوغان من صعوبات داخلية وخارجية من شأنها أن تضاعف الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا وزادت تداعيات جائحة “كورونا” من حدتها.
في جميع الأحوال فإن نظام أردوغان يطمع في الأموال القطرية ويحصل عليها سواء عن طريق المساعدات المالية المشبوهة المعلن منها والسري, أو عن طريق إلزام قطر بمعاهدات واتفاقيات تعاون في مختلف المجالات تميل كفّة الربح فيها لتركيا، سواء تعلّق الأمر بجلب رؤوس أموال قطرية للاستثمار في تركيا، أو بتنشيط المبادلات التجارية التي تعني في الغالب تصدير السلع التركية إلى قطر، أو باتفاقيات “دفاعية وأمنية” يتم بموجبها إرسال قوات تركية إلى قطر مقابل مبالغ مالية.
البعد المشبوه للعلاقات بين أردوغان وتميم يثير الكثير من التساؤلات , فمن يعلم ما تحمله الطائرات المحلّقة بين البلدين، وما يتم بحثه في المحادثات بين الحليفين بعيداً عن العناوين العريضة التي تم تلقينها للإعلام حيث لا يحضر أحد تلك المباحثات؟ وعليه شيء واحد مؤكد هو أن العلاقات بين الاثنين لا تخدم بأي حال من الأحوال مصلحة الأتراك أو القطريين, فكل من أردوغان وتميم يتنازل للآخر للحفاظ على مصالحه الشخصية والاحتفاظ بكرسي الحكم.