كلاهما يحاول إغراق الآخر

لم يعد خافياً على أحد أن النزال العلني الذي بدأ بين الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة الأمريكية «الجمهوري والديمقراطي» منذ أن وصل الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة قبل أربع سنوات قد بلغ الذروة في الثالث من تشرين الثاني «يوم الثلاثاء العظيم» حين أعلن ترامب “فوزه” في الانتخابات، وأن أي تطور غير ذلك “يعني تزويراً للنتائج والحقائق معاً”.

وما يبدو واضحاً خلال الأيام القليلة الماضية التي أعقبت الانتخابات الأمريكية أن هناك اضطراباً كبيراً في السياسة الخارجية والداخلية الأمريكية لم تشهده الولايات المتحدة منذ عقود، وقد تجلى ذلك في كمّ التصريحات والتسريبات الإعلامية التي تتحدّث عن حماقات قد يقوم بها ترامب خلال ما تبقى من ولايته الرئاسية من توجيه “ضربة” عسكرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد إقدامه على إقالة وزير دفاعه السابق مارك إسبر وتعيين وزير دفاع جديد بالوكالة «كريستوفر ميلر» بهدف إغراق الإدارة الجديدة برئاسة الرئيس المنتخب جو بايدن في مشكلات ومخاطر قد لا تُعرف نتائجها.

في الحقيقة، وعلى رأي كثير من المحللين، فإن الهدف من هذه التسريبات من صحيفة “الواشنطن بوست” هو الإيحاء للرئيس ترامب بأنها “خطوة ممكنة”، وبالتالي شيطنته وتوريطه وإظهاره على أنه رئيس عدواني، وما يقوم به يمكن استثماره من بايدن للتفاوض بأدوات قذرة وأياد لا علاقة لهذا الأخير بها، ولكنها تخدم المنحى الإستراتيجي للسياسة الأمريكية.

في الوقت نفسه فإن ما جاء على لسان وزير الدفاع الجديد بالوكالة من محاولة سحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط وأفغانستان هي رد على تسريبات «الواشنطن بوست» ومحاولة توريط بايدن في حال أراد إعادة هذه القوات إلى أماكن انتشارها السابقة بأنه هو الرجل العدائي الذي يغامر بأرواح الجنود الأمريكيين.

بعيداً عن كل هذا وذاك فإن العديد من الآراء الأخرى تعزو إجراءات ترامب إلى أنها موجهة للاستثمار في الداخل الأمريكي، ولاسيما أن الظروف الحالية في الولايات المتحدة توحي بأن ترامب لا ينوي التسليم بالهزيمة، وأنه يعدّ لمرحلة ما بعد العشرين من كانون الثاني القادم.

في كل الأحوال، ما يبدو عليه المشهد الأمريكي الحالي بين ترامب وبايدن هو أن كلا الرجلين يحاول إغراق الآخر بمشكلات داخلية وخارجية قد تدفع الولايات المتحدة في النهاية باتجاه الهاوية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار