غبار الخروج!
لا يزال “الكابوس” الإيراني يلاحق ساكن البيت الأبيض المنتهية ولايته دونالد ترامب، محاولاً الزج بما بقي من طاقته كرئيس لرسم مشهد مختلف في سياق مسلسل طويل امتد على مدى أربع سنوات، كان حصاده الفشل الأمريكي في “إخضاع” إيران و”إسقاط” نظامها كما هو ديدن السياسة الأمريكية.
أربع سنوات من حكم ترامب والتهديد بضربة عسكرية تستهدف إيران هو ما يبحث على الطاولة الأمريكية ويُدفع باتجاهه من دون جدوى، واليوم يُعاود ترامب بحث إمكانية “توجيه ضربة لمنشآت نووية إيرانية” بفارق أن من كانوا يشجعونه سابقاً يقفون على الضد منه اليوم، والأسباب المجتمعة متعلقة بأثمان تلك الضربة التي ستدفعها أمريكا.
في الحقيقة فشل ترامب فشلاً ذريعاً في “النيل” من إيران، وإصراره اليوم على عمل عسكري ليس نابعاً كما السابق من أغراض انتخابية، بقدر ما هو لعرقلة أداء الرئيس المنتخب جو بايدن تجاه إيران مع ميوله لإعادة التفاوض حول الملف النووي الإيراني، أي الرغبة في توريث بايدن المزيد من الفوضى، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تقديم آخر خدمة للكيان الصهيوني باعتبار “ضرب” إيران إستراتيجية إسرائيلية والتنفيذ موكل إلى الولايات المتحدة، ومن جهة ثالثة الظهور بمظهر من قرر وتوعد ونفَّذ، خاصة أن الأمر يتزامن مع الانسحاب من غرب آسيا الذي يدلل في الحقيقة على فشل الإستراتيجية الأمريكية هناك وليس فقط من باب الوعود التي قدمها ترامب، لذلك لابد بالنسبة له من تعويض في مكان ما.
لا أحد يعلم ما مدى جدية ترامب في الذهاب إلى عمل عسكري ضد إيران، ولاسيما أن ترامب سيذهب إلى الاستثمار في هذه الورقة إلى أبعد حد ممكن، وربما ليراكم رصيد يحتفظ به إذا قرر خوض الانتخابات مجدداً عام 2024، فخسارة ترامب الانتخابات الحالية وخروجه خالي الوفاض من كل شي وهذا ليس بالهيّن عليه تجعل كل الاحتمالات واردة ومحتملة.
خطأ الحسابات لدى ترامب ليس بالجديد، فعملية عسكرية تعني كلفاً باهظة ليس فقط على أمريكا، بل ارتداداتها ستكون حتى أكبر من قدرة أمريكا على تحملها لأن أول من سيتضرر كيان الاحتلال، فإيران لن تقف مكتوفة الأيدي من دون رد يطول كل مكان يمت لأمريكا بصلة.
ترامب لم يمتلك يوماً إستراتيجية واضحة، فغطرسته كانت هي الحاكمة لتصرفاته، وربما اليوم وهو فاقد لكل شي لا يأبه بالربح أو الخسارة بقدر ما يسعى “لزيادة الضغوط ” على إيران في أيامه الأخيرة مع إثارة المزيد من الفوضى والغبار وهو في طريق الخروج من البيت الأبيض.