حقيقةً لا أعلم السبب النفسي أو العلمي وراء انتشار ظاهرة اقتناء القطط والكلاب في البيوت أثناء الحرب..!
لكن ما يهمّني من الظاهرة هو توصيف الحالة النفسية للقطط المنزلية عند مربيها، فالقطّ المنزلي هو«دلوع العيلة» ومستحيل أن يشبه بسلوكياته قطط الحيّ والشارد منها في الأزقة والحارات، فله مواعيد خاصة من حيث الطعام والحمام، ويعرف المسموح والممنوع من التصرفات، ويعرف أيضاً أين ينام!!
والأسرة جميعها، ومن باب الرأفة والحرص الشديد، تخشى عليه من الأبواب المفتوحة «للبلكونة» والدار كي لا يضيع هذا القط المدلل في الحواري، ويعتدى عليه من قبل قطط الشوارع الشرسة، أو كي لا يموت جوعاً، وهو القطّ المدلل الذي لا يعرف كيف يصطاد ويتصرف!!
حالُ هذا القط تشبه إلى حدٍ كبيرٍ حال أطفالنا الصغار ممن هم في عمر التسع والعشر سنوات، وربما أيضاً حال بعض المراهقين الذين تأذوا نفسياً من الحرب، وأصابتهم لوثة دلال بسبب خوف وحرص زائدين من الأهل، تماماً كما الحرص الممارس على القط المنزلي، فسلوكنا في الحالين متشابه.
فالأبواب المفتوحة مصدرُ قلقنا الرئيس، وإن ذهب أولادنا إلى مدارسهم أو لقيهم الأصدقاء أو حتى نزلوا للبقالية التي لا تبعد عن المنزل سوى بضعة أمتار تملكّنا الخوف ورافقناهم حتى رجوعهم بالأدعية والصلوات، وأعتقد أن هذا الحرص الشديد والخوف المرضي على أولادنا الصغار لابد أن لهما تأثيرات وانعكاسات نفسية على سلوكياتهم في عمر الشباب.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، سأتجرأ وأسقط سلوكيات القطّ المنزلي على سلوكيات بعض مسؤولينا الذين يتعاملون مع أزماتنا ومشاكلنا الخدمية بتؤدة، ولايأخذون قراراتهم إلا على مهلٍ، فلحين استكمالها وتطبيقها لابدّ من تحقيق الدراسات والاستشارات -بطعمة ومن دون طعمة- والاتصال بالسيدة نجلاء قباني وسؤالها عما تقوله لهم الأبراج، وهل قرارهم ناجح أم لا في هذا الشهر تحديداً من العام!!
إن سلوكيات القطّ المنزلي قد تكون مقبولةً نوعاً ما مع أطفالنا، لأن هناك أملاً في تحسين أدائنا معهم في عمر الشباب، لكن لا جدوى منها بالتأكيد إن تبناها أحد مسؤولينا، ولاسيما في زمن الحرب وإفرازاتها الكارثية المستمرة من أزمات وتحدّيات بسبب قذارة مفتعليها ومشغّليها وحصارهم الجائر- والتي لم تكن في الحسبان، لذلك المطلوب، إدارياً من مسؤولينا سلوكيات مسؤول (هارون)، يتجرّأ على الأزمة، ويأخذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، ويأمر بتنفيذها، ويتابع تحقيق نتائجها، ويخفف من العقبات ما أمكن، لأن وقت النهوض بالبلد وإعمار ما دمّرته الحرب قد حان، وكفانا..كفانا تريثاً واستخداماً لـ«سين» والـ «سوف».