منبر تفاوضي جديد قدمته تونس لفرقاء ليبيا على أمل أن يكون المنبر الأخير أو لنقل الأهم في عملية إرساء السلام في ليبيا وفق قاعدة أن الحل ليبي بالدرجة الأولى، وأن دور الخارج ينحصر في أن يكون داعماً ومساعداً وليس متدخلاً أو منتهكاً أو معتدياً.. هذا ما أعلنته تونس مع افتتاح مؤتمر الحوار السياسي الليبي أمس الأول الاثنين والذي تستضيفه عاصمتها.
وكما هي العادة، فإن المُعلن، أي المقدمات، تأتي دائماً مُغلفة بالتفاؤل والتمنيات والدعوات، أما على أرض الواقع، أي النتائج، فهي دائماً دون ذلك… ثم لا تمضي بضعة أيام حتى يكون هناك مؤتمر جديد.. وهكذا.
مع ذلك يبدو لافتاً مقدار التفاؤل بإمكانية أن تصل هذه المؤتمرات، والتي شهدت كثافة ملحوظة منذ بداية العام، إلى شيء ملموس، ميداني وسياسي، مع نهاية هذا العام كما يرى المراقبون، وإذا ما خرج مؤتمر تونس بتوافقات جديدة -مكملة لتوافقات أخرى في مؤتمرات سابقة- فإن مؤتمر تونس سيسجل سابقة في مسار حلحلة استعصاء العقد الليبية، وحتى لو كانت هذه الحلحلة سياسية فإنها بلا شك ستنعكس إيجابياً على الميدان الذي يشهد أطول فترة تهدئة مستمرة منذ أسابيع، بفعل الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته الأطراف الليبية الشهر الماضي.. وما زال ينظر لهذا الاتفاق باعتبار أن له الفضل الأكبر فيما تشهده العملية السياسية من تقدم.
لذلك، فإن مؤتمر تونس وسّع خريطة العمل باتجاه انتخاب مجلس رئاسي يمثل الغرب والشرق والجنوب وهي المناطق الكبرى في ليبيا وكذلك انتخاب رئيس حكومة ليشكل فريقاً وزارياً تمثيلياً لجميع المناطق وصولاً إلى توحيد البلاد تحت سلطة حكومة واحدة وتمهيد الطريق أمام إجراء انتخابات.
ويبدو أن الحوار سيستمر في تونس حتى تحقيق التقدم المطلوب، هذا ما أوحت به مسألة أنه لم يتم الإعلان عن موعد انتهاء المؤتمر، وذلك الإصرار من الراعي الأممي على التفاؤل بأن خواتيم مؤتمر تونس لا بد وأن تكون إيجابية، فالليبيون يريدون وضع الحرب وراءهم بدليل أنهم لا يوفرون فرصة مهما كانت صغيرة للاجتماع والالتقاء في سبيل هذا الهدف.
ما سبق يدعو للتفاؤل بلا شك، ربما هي المرة الأولى التي لا يُسمع فيها أصوات تعلو بالتشاؤم والتحذير والوعيد. وإذا كان بإمكاننا اعتبار هذا الأمر مؤشراً إيجابياً فقد يكون حان فعلاً وقت التفاؤل.. لنتفاءل إذاً ولو قليلاً.