(وصفة) الدولة العميقة

العالم، كل العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، وكل أنظمته الاشتراكية والرأسمالية والهجينة والحكومات الدستورية الملكية والملكية المطلقة والأميرية والسلطانية والإمبراطورية والجمهورية والاحتلالية، وسواد الكرة الأرضية ينتظر مخرجات الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد فوز جو بايدن الصريح، فهو بلا شك سوف يسعى لتصحيح علاقة الولايات المتحدة الداخلية بعد حدوث تصدعات وشروخ كبيرة في المجتمع الأمريكي التي عشناها وعاشها العالم بأسره منذ اليوم الأول لرئاسة الجمهوري دونالد ترامب وعلاقاتها مع العالم والتي لم يبقِ ترامب لأمريكا أي خليل. أنّب وتوعد الجارة كندا ورفع جدار الإسمنت مع الجارة المكسيك، لا أحد كان يتوقع ما سيقوله أو يفعله, لا حزبه ولا أصدقاؤه ولا خصومه ، غازل كوريا الديمقراطية وروسيا وأعلن الحرب الاقتصادية على الصين ووبخ الاتحاد الأوروبي مجتمعاً بسبب رعونته وتقلب مزاجه السياسي تارةً والعنصري والشعبوي تارةً أخرى ، يحب المال حباً جماً هاجسه عقد الصفات وجني الأرباح منها ، تحت «يافطة» الشخصية الهزلية كان يدس السم بالدسم، حَلبَ خزائن الكثير من المشيخات تحت غطاء صفقات تسليح كاذبة أو بحجة (شماعة) الخطر الإيراني.
أعتقد جازماً أن « اسرائيل » الجهة الوحيدة التي سلمت من أذاه بل واغتنمت الكثير في عصر حكمه، فقد نقل سفارة بلاده من «تل أبيب» إلى القدس المحتلة و«شرّع» الاستيطان بالضفة الغربية بالدعم المباشر ، والموافقة على «ضم» الجولان العربي السوري المحتل لـ«إسرائيل» زوراً وبهتاناً، وجفف كل المساعدات عن وكالة (أونروا ) وعاقب كل المنظمات الدولية التي تدافع عن حقوق الفلسطينيين المشروعة، وانسحب من الاتفاق النووي مع إيران من جانب واحد تحت رغبة الكيان الصهيوني وأجبر بين العصا والجزرة بعض المشيخات على عقد صفقات مع الكيان الصهيوني تحت شعارات تجارية ورياضية وتسامح ديني، بل ذهب إلى أبعد من ذلك عندما غازل بعض العربان لعقد اتفاقيات سلام كاذب مع «إسرائيل», منها كان ومنها على الطريق للوصول إلى تحقيق الحلم الأمريكي _الصهيوني ، لإنجاز «صفقة القرن» التي تعطي « إسرائيل» كل شيء، من دون أن تقدم أي شيء.
وفي المقابل يعتقد البعض من حلفاء وأصدقاء وأعداء واشنطن ، أن فوز بايدن الديمقراطي يعني عودة الدبلوماسية الأمريكية الأقل شراً و فجوراً وخصومة وعدائية مع الحليف الأوروبي وروسيا والصين، وإقامة علاقات حسن جوار مع كندا والمكسيك ولكن من يراهن على تغيير السياسة الأمريكية بشكل جذري فهو واهم لأن ترامب و بايدن وجهان لعملة واحدة ينفذان خطط «الدولة العميقة»، فاتحتها حماية أمن «إسرائيل» ونهب ثروات الأمم والشعوب وخاصة العربية والنائية، وإن كانت هناك فروق ستكون بسيطة في التكتيك وليس في التخطيط الاستراتيجي.
خلاصة القول: ترامب خدم المخطط المرسوم في فترة ولايته وأدى الغرض ووصل إلى الهدف واعتقد أن دوره انتهى ، بعد أن كان أضحوكة للبعض وشرساً اقتصادياً في رأي الصين وحليفاً لبعض العربان و«إسرائيل» وغير موثوق عند الكثير من الحلفاء وجار سوء..وهكذا كانت الوصفة وانتهى تطبيقها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار