تفوّقت “عصفورية” المواقع والمنصات الالكترونية، على وسائل الإعلام التقليدية، وأصبح هذا المنبر الذي يقولون إنه مضيعة للوقت وملعب للهراء، من المصادر الهامة للمعلومات والأخبار وتسجيل المواقف وتفريغ الشحنات التي لم يكن لها منفذ كي تنفّس، فجاء الفضاء الأزرق بعجره وبجره كي يغير المشهد ويجعل جميع الناس صحفيين وشعراء وقادة رأي، حتى لو لم يكونوا من أصحاب الاختصاص والخبرات، لأن الفيديو التوثيقي والصورة وسرد الأشياء كما هي من دون تدخل لغوي، كان أشد بلاغة من كثرة الحكي و”الكركرة” في الأساليب التقليدية التي تحاول إقناع المتابع بأن اللبن أسود من دون معطيات ولا أدلة تثبت هذا السواد، بل كان دليلاً على سواد الوجه بسبب اعتماد أساليب أكل الزمان عليها وشرب في محاولات الإقناع وصناعة الرأي مع أن الحقائق واضحة مثل عين الشمس!.
ما يؤكد هذه الحقيقة، طبيعة المجريات التي نشاهدها يومياً بأمّ العين، حتى المسؤولون لا يلقون بالاً للمنابر التقليدية التي تنتقد أداءهم في حين يهرعون بسرعة كي يبرروا مقطعاً صغيراً قام بتصويره هاوٍ غير محترف، لأنهم يعرفون تماماً أن عصفورية” شبكات التواصل” قادرة على قضّ مضاجعهم وجعلهم عبرة لمن يعتبر بوساطة السخرية وفضح المستور الموثق بالصورة والصوت الذي لا يمكن إنكاره بشكل سهل!.
الطريف في هذا الأمر، أن بعض المسؤولين مازالوا يعيشون في “أيام اللولو”، ولا يدركون بالضبط مدى التغير الذي حدث، وبالتالي فإن التناقض في التصريحات والتردد والورطات الكبيرة التي يتورطون بها أمام الجمهور، أكبر من أن تحصى، مع أن المسألة يمكن أن تحل ببساطة عبر الشفافية والمكاشفة وتسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية من دون تدليس أو زخرفة أو تحوير.. كأن أولئك يعملون من دون مستشارين إعلاميين وبلا مكاتب صحفية لأن الحبل متروك على غاربه كما يقول المثل!.
مدينون نحن لعصفورية المنصات الالكترونية، وللتقنيات الحديثة في التصوير والتسجيل وتوثيق المعاناة، لأن المسؤولين من الممكن أن يرشوا بهارات على التعتير ويحاولوا تصويره بالفردوس الموعود، منفصلين تماماً عن الواقع، ولا يمكن أن يوقظهم سوى فيديو أو صورة أو تسجيل دامغ لا يمكن إنكاره والتلاعب فيه.. فيا أيها الناس.. اشحذوا موبايلاتكم جيداً ولمّعوا العدسة، ثم ادخلوا عصفورية الشابكة الزرقاء، فأكثر من القرد ما مسخ الله.. “قرد كنّو صحيح”!.