عجز
أزمات متلاحقة قصمت ظهر المواطن وجعلته غير قادر على تحقيق أدنى مقومات العيش له ولأفراد أسرته في ظل غلاء لم تشهد مثله البلاد يوماً ،لتأتي مؤسسات التدخل الإيجابي في بادرة قلّ نظيرها بطرح أطنان من المستلزمات المعيشية إلى السوق بأسعار أقل من السوق السوداء وعلى أبواب تلك المؤسسات مظاهر الازدحام في ظل شعارات نطلقها بضرورة التباعد المكاني في ظل جائحة كورونا العالمية وكأننا نعيش في عالم مترف الرفاهية .
في كل مرة نجد تجاراً جشعين يلقون باللائمة دائماً على الأزمة وتغير سعر الصرف الذي يميل بكفته نحوهم وعلى صعوبة تأمين المادة وفقدانها سواء أكان مصدرها محلياً أم مستورداً وحمى الغلاء تنتشر بسرعة الأمراض المعدية والأوبئة التي تظهر علاماتها على وجوه الانتهازيين الصفراء الذين يظهرون تعاطفاً مصطنعاً تجاه مستهلك يظهر في نهاية الأمر لا حول له ولا قوة .
أزمة البنزين اليوم أظهرت عجزاً قلّ نظيره لدى القائمين على بعض مؤسساتنا، فغابت الشفافية في وقت نحن فيه الأحوج ليدلي أولئك بأرقامهم وإن اقتضى الأمر إيقاف كل مظاهر الحركة إلا للضرورات القصوى ،لا أن تأتي التصريحات على شكل تلميحات وقصص فكاهية يتداولها البعض تخفيفاً لحدة الأزمة التي يعلمون هم فقط نهاية نفقها المظلم .
الأزمات في بلدنا مفتعلة في المطلق وإلا لما استطاع أي منا تأمين حاجاته بالأسعار التي يحددها بائعوها .. وأزمة البنزين الحالية أكبر مثال على ذلك وتضاعف سعر الليتر الواحد عشرات المرات هو ابتزاز لطالب المادة وفقاً لشدة حاجته وقدرته على دفع ثمنها .
لم نعد نسأل عن جمعيات حماية المستهلك أو الوزارات المختصة للحد مما يحصل، فلدى الجميع قناعة بأن أحداً لن يستطيع إيقاف سيل الأزمات والأشخاص المتوثبين لاستغلالها أسوأ استغلال .
إن استغلال بعض التجار وقناصي الفرص للأزمات مهما صغرت وكان تأثيرها محدوداً يفترض محاربته والوقوف في وجهه كوقوفنا في وجه الإرهاب , فكلاهما وجهان لعملة واحدة والعبرة من تجاوز الأزمات مهما كان شكلها هي خلق حالة صحيحة تدوم فترات طويلة يعيش فيها المجتمع رغد العيش.
esmaeelabdulh@gmail.com