يفصح حال الأسواق بفوضاها المستمرة عن التصدع الشديد في قطاع التجارة، الذي تميز سابقاً بأخلاق تجارها وسمعتهم الطيبة ممن كانوا يفضلون خسارة أموال طائلة بدل التفريط برصيدهم الثمين، أما اليوم فحدث ولا حرج عن جشع بعض تجار يديرون دفة الأسواق حسب قوانينهم من دون اكتراث بأي عرف تجاري أو أخلاقي في ظل عجز رقابي يدفع المواطن واقتصاد البلاد ضريبته يومياً.
موجات الغلاء المتواصلة تتحمل جزءاً من مسؤوليتها غرف التجارة السورية نتيجة ابتعادها عن مهامها بضبط الأسواق مع الجهات المعنية ومحاسبة المخالفين وطردهم من أروقتها العريقة أو أقله نشر أسمائهم في قوائم سوداء تفضح أفعالهم، ويبقى “الأدق رقبة” السماح لتجار الأزمات بالتسلل إلى هذه الغرف، في تخلٍّ واضح عن دورها الأساسي في صناعة القرارات الاقتصادية ومسؤوليتها الاجتماعية، فما هي الأسباب التي تدفع غرف تجارية “وازنة” عن تفضيل دور “الكومبارس” والتنازل عن مركزها المحوري، والانزلاق تالياً باتجاه تحقيق مصالح بعض رجال الأعمال مع أن رصيد أفعالهم صفر، بينما يُنحى التجار الحقيقيون لغايات في نفس يعقوب، وأين وزارة التجارة الداخلية من ترتيب هذه الفوضى في ظل انحيازها الدائم لصف التجار وحمايتهم ؟.
الغرف التجارية اليوم على موعد قريب مع انتخابات جديدة يؤمل أن تكون مقدمة لاستعادة دورها ونفض غبار الترهل وداء اللامسؤولية الذي أصابها طيلة سنوات الحرب واتخاذ إجراءات مناسبة تقطع الطريق أمام تجار الحروب ومحدثي النعمة في الانتساب إلى الغرف التجارية وسط تخوف كثر من تمكن هذه “الزمرة” من حجز مقاعدها بفعل سلطة أموالهم المنهوبة والنفاذ لاحقاً إلى مراكز صناعة القرار الاقتصادي، فهل ستنجح الغرف التجارية من بوابة الانتخابات من استرجاع مكانتها الاقتصادية والاجتماعية باختيار أعضاء فاعلين من أصحاب المال النظيف والأخلاق التجارية أم ستضيع هذه الفرصة وتسلم دفة إدارتها لمن تلوثت يداه بسرقة مال السوريين والخزينة مستغلين مهارتهم في الصيد بالأزمات بدعم من بعض أصحاب الكراسي النافذين.